______________________________________________________
أجمع علماء الإسلام على تحريم وطء الحائض قبلا ، وقطع في التّذكرة (١) بفسق الواطئ ، ولو استحلّه كفر قطعا ، لإنكاره ما علم من الدين ضرورة ، ما لم يدّع الشبهة الممكنة في حقّه ، فيجب تعزيره بما يراه الحاكم ، ويحكى عن أبي علي بن الشّيخ أبي جعفر رحمهالله تعزيره باثني عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني (٢) ولا نعرف المأخذ ، وإنّما بناء التعزيرات على عدم التّقدير ، إذ هي منوطة بنظر الحاكم ، إلا ما اختصّ بالنّص.
وهذا إذا كان عالما بالحيض ، متعمّدا للفعل ، فلو جهل الحيض فلا شيء عليه ، ومثله ما لو نسيه ، وكذا لو جهل التحريم خاصّة أو نسيه لعموم قوله عليهالسلام : « النّاس في سعة مما لم يعلموا » (٣) ، وقوله عليهالسلام : « رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان » (٤).
ولو وطأ طاهرا فطرأ الحيض ، وجب النّزع حال العلم ، فان استدام تعلقت به الأحكام ، ويجب القبول من المرأة لو أخبرت بالحيض إن لم تتهم بتضيع حقّه ، لقوله تعالى ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ) (٥) فلو لا وجوب القول لما حرم الكتمان.
وإن اشتبه الحال ، فان كان لتحيّرها فقد تقدم في أحكام المتحيرة ، وإن كان لغلبة ظن كذبها بالتهمة ، ففي الذكرى يجب اجتنابها (٦) ، وفيه نظر ، وصرّح المصنّف في التذكرة بعدمه (٧) ، وفي المنتهى أوجب الامتناع حالة الاستمرار مع الاشتباه (٨) ، محتجا بوجوب تغليب الحرام للاحتياط في الفروج.
فان كان يريد الاشتباه للتحير فقد تقدّم حكمه ، وإن كان لغيره ـ كما في الزائد
__________________
(١) التذكرة ١ : ٢٨.
(٢) ذكر القول السيد العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٣٧٣.
(٣) الكافي ٦ : ٢٩٧ حديث ٢ ، التهذيب ٩ : ٩٩ حديث ٤٣٢ وما فيهما قريب وليس نصا.
(٤) الخصال ٢ : ٤١٧.
(٥) البقرة : ٢٢٨.
(٦) الذكرى : ٣٥.
(٧) التذكرة ١ : ٢٨.
(٨) المنتهى ١ : ١١٧.