فالأسن ، فالأصبح.
______________________________________________________
ومعنى.
قوله : ( فالأسن ، فالأصبح ).
لعلّ تقديمه لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله لا يردّ دعوة ذي الشّيبة المسلم » (١) ، والمراد به الأسنّ في الإسلام ، كما صرّحوا به في باب الجماعة ، فلو كان واحد سنه خمسون في الإسلام ، وآخر سبعون منها عشرون في الإسلام ، فالأوّل هو الأسنّ ، وقد اقتصر الشّيخ (٢) والجماعة (٣) على تقديم الأسنّ ، ودلائلهم تقتضي اعتبار مرجحات الإمامة في اليومية ، كما صرّح به المصنّف في التذكرة (٤) وشيخنا الشّهيد (٥) ، فعلى هذا يقدم الأسبق هجرة على الأصبح.
واعلم أنّ الهجرة في الأصل الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام ، فأما في زماننا فأحسن ما قيل فيها إن المراد بها : سكنى الأمصار لأنها مقابل سكنى البادية ، مجازا عن الهجرة الحقيقة ، لأن ذلك مظنة الاتصاف بشرائط الإمامة واكتساب كمالات النّفس ، بخلاف البوادي وما يشبهها من القرى الّتي يغلب على أهلها البعد عن العلوم وكمالات النّفس.
وأما الصباحة ، فقد روى بعض الأصحاب تقديم الأصبح وجها بعد التّساوي (٦) فيما سبق ، وقال صاحب المعتبر : لا أرى لهذا أثرا في الأولوية ، ولا وجها في شرف الرّجال (٧) ، وعلّله المصنّف في المختلف بالدلالة على عناية الله تعالى بصاحبه (٨) ، وربما فسّر بالأحسن ذكرا بين النّاس مجازا لقول علي عليهالسلام : « إنّما يستدل على الصّالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده » (٩) ، وهو حسن.
__________________
(١) الذكرى : ٥٧.
(٢) المبسوط ١ : ١٨٤ ، الخلاف ١ : ١٦٨ مسألة ٧٢ كتاب الجنائز.
(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر : ٨١ ، والشهيد في الدروس : ١٢.
(٤) التذكرة ١ : ٤٧.
(٥) الذكرى : ٥٧.
(٦) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ١٠٥ ، والعلامة في التحرير ١ : ١٩ ، والشهيد في البيان : ٢٨.
(٧) المعتبر ٢ : ٤٤٠.
(٨) المختلف : ١٥٦.
(٩) نهج البلاغة ٣ : ٩٣ كتاب ٥٣ عهده الى مالك الأشتر.