______________________________________________________
التمكّن ، وعدم صدق الوجدان.
وكذا لو كان متيمّما عن الطّهارتين فتمكن من إحداهما خاصّة ، فإن تيمّمها ينتقض دون الأخرى ، فلو كفى الماء للغسل تعيّن تيمّمه للانتقاض ، وإلا فتيمّم للوضوء إن كفى له ، وعبارة الكتاب مطلقة كما ترى ، وتنقيحها بما ذكرناه.
بقي هنا شيء ، وهو أنّه هل يشترط لانتقاض التيمّم مضي مقدار زمان الطّهارة المائية متمكّنا من فعلها ، أم بمجرّد وجود الماء والتمكّن من استعماله ينتقض التيمّم ، وإن لم يمض مقدار زمان الطّهارة؟ إطلاق عبارة الكتاب يقتضي الثّاني ، وإن كان المتبادر منها أنّ التمكّن من استعمال الماء في الطّهارة هو النّاقض.
ويشهد للثاني إطلاق الاخبار ، مثل قول أبي جعفر عليهالسلام وقد سئل أيصلي الرّجل بتيمّم واحد صلاة اللّيل والنّهار كلها؟ : « نعم ما لم يحدث ، أو يصب ماء » (١) ، وغيره (٢). ويشهد للأول أن التّكليف بالطهارة المائية في وقت لا يسعها تكليف بما لا يطاق ، والمقتضي للنقض هو التمكّن من فعلها لا مطلق التمكّن للقطع بأنه لو علم من أوّل الأمر أنّه لا يتمكّن من فعلها لا ينتقض تيمّمه.
فان قيل : توجّه الخطاب بالطّهارة المائية ينافي بقاء التيمّم ، ولعدم الجزم بالنيّة على هذا التّقدير.
قلنا : توجّه الخطاب إنما هو بحسب الظاهر ، فإذا تبيّن فوات شرطه انتفى ظاهرا وباطنا ، والجزم بالنيّة إنّما يجب بحسب الممكن ، ولولاه لم يتحقّق الجزم في شيء من نيات العبادات ، لعدم علم المكلّف ببقائه إلى آخر العبادة على صفات التّكليف.
والتّحقيق : إنّ الخطاب ـ ظاهرا ـ بفعل الطّهارة المائية يراعى بمضي زمان يسعها ، فان مضى ذلك المقدار تبين استقرار الوجوب ظاهرا وباطنا ، وإلاّ تبيّن العدم فيكون كاشفا ، وهذا هو المختار.
والمراد بقوله عليهالسلام : « أو يصب ماء » كونه بحيث يتمكّن من استعماله
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٣ حديث ٤ ، التهذيب ١ : ٢٠٠ حديث ٥٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٦٣ ، ١٦٤ حديث ٥٦٥ ، ٥٧٠.
(٢) التهذيب ١ : ٢٠١ حديث ٥٨٢ و ٥٨٣ و ٣٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٦٣ حديث ٥٦٧ و ٥٦٨.