______________________________________________________
يجزئ عن غسل الجنابة كما يجزئ غسل الجنابة عنه من غير احتياج إلى الوضوء.
أما وجه الفرض الأول مضافا الى الإجماع ، فهو أنّ الحدث ـ الذي هو عبارة عن النجاسة الحكمية ـ متحد ـ كما سننبه عليه ـ وإن تعددت أسبابه ، فإذا نوى ارتفاعه بالسبب الأقوى ارتفع بالإضافة إلى غيره ، وسيأتي ـ في دلائل الفرض الثاني ـ من الأخبار ما يصلح دليلا لهذا.
وأما وجه القول الأول من الفرض الثاني ـ وهو الذي جزم به المصنف ـ فهو : أن غسل الجنابة أكمل من غيره من الأغسال ، لأنه في قوّة طهارتين ، وغيره طهارة واحدة وأقوى ، لأنه يرفع الحدثين الأكبر والأصغر ، وغيره إنما يرفع حدثا واحدا ، والأضعف لا يقوم مقام الأقوى ، ولا يجزئ عنه للأصل.
ويدل على القول الثاني وجوه :
( أ ) : ان الأحداث التي هي أسباب الطهارة ، وإن تعددت ، فان مسببها ـ وهو النجاسة الحكمية ، التي هي المانع من الأشياء المخصوصة ، ويعبر عنها بالحدث أيضا ـ متحد ، وهي مشتركة في الدلالة عليه ، فإذا نوى المكلف الغسل لرفع الحدث ، مضافا الى واحد من الأسباب عند تعددها ، فقد نوى رفع ذلك المشترك فيجب ارتفاعه ، لأن « لكل امرئ ما نوى » (١) فيزول المانع المضاف الى جميعها.
بيان اتحاد المانع أنه لو تعدد لوجب لرفع كلّ واحد من أفراده غسل ، والتالي باطل ، فالمقدم مثله.
بيان الملازمة : أن الأسباب المتعددة إذا اجتمعت فالأصل عدم تداخل مسبباتها ، ومن ثم لم تتعدد الطهارة الصغرى بتعدد أسبابها. وفي بيان الملازمة نظر.
( ب ) : انه لو لم يكتف بغسل الحيض عن الجنابة مثلا عند اجتماعهما ، لم يكن لوجوب غسل الحيض فائدة أصلا ، وكان وجوده كعدمه ، والتالي ظاهر البطلان ، فالمقدم مثله.
بيان الملازمة : أن وجوب الغسلين معا ، إما أن يكون بمعنى تحتّمهما معا ، أو
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٢ ، وسنن ابي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.