______________________________________________________
الثالث : أنه ينتقل بالوفاة ملكا غير مستقر ، وبالقبول يتحقق استقراره ويزول بالرد ، وهو قول الشيخ في موضع من الخلاف (١) ، وحكاه في المبسوط وضعّفه (٢) ، واختاره المصنف في أول المبحث من التذكرة (٣) ، ثم في آخره نفى البأس عن القول الأول (٤). ولا ريب في ضعفه ، لأنه يقتضي ثبوت الملك للموصى له على وجه قهري كالإرث ، وهو على خلاف الأصل.
وأيضا فإنه لو صح ذلك لم يحتج إلى قبول وارث الموصى له لو مات بعد الموصي وقبل القبول والرد ، وظاهرهم الإطباق على اعتبار قبول الوارث وردّه. وفيه نظر ، فإن لقائل أن يقول : ينتقل الملك إليه غير مستقر كانتقاله إلى مورثه ، ولضعف هذا القول لم يلتفت إليه المصنف هنا ، وجعل الاشكال باعتبار القولين الآخرين.
ووجه الأول : أنه لولاه لزم بقاء الملك بغير مالك واللازم باطل اتفاقا ، بيان الملازمة : أن المالك هنا منحصر في الميت والموصى له والوارث ، والحصر هنا إجماعي.
أما الميت فيمتنع ملكه ، لأنه بالموت يخرج عن أهلية الملك ويصير كسائر الجمادات وتنتقل أمواله عنه ، ولهذا لا تتعلق به أحكام المالكين. وكذا الوارث ، لظاهر قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٥) ، ولو كان للقبول دخل في حصول الملك للموصى له لكان المعتبر بعديته في ملك الوارث هو الوصية المقبولة لا مطلقا ، فإذا انتفى الملك عنهما ولم يثبت للموصى له لزم المحذور ، وهو بقاء الملك بغير مالك.
__________________
(١) الخلاف : ٢١٣ مسألة ٢٦ كتاب الوصايا.
(٢) المبسوط ٤ : ٣٣.
(٣) التذكرة ٢ : ٤٥٤.
(٤) التذكرة ٢ : ٤٥٥.
(٥) النساء : ١١.