كما لا ينافي ذلك ما تقدم في الصيد من اعتبار العلم باستناد الموت إلى السبب الحاصل من الصيد ، فمتى شك في اشتراك غيره معه لم يحل ، فضلا عن الظن والعلم ، لإمكان الفرق بينهما بعدم العلم بحصول السبب المقتضي لعدم استقرار الحياة في الصيد بخلافه في الذبح ، وإلا فلو علم أن آلة الصيد قد جعلت حياته غير مستقرة وصار كالذبح في المذبوح لم يضر اشتراك سبب آخر معه.
ومن ذلك يظهر لك ما في جواب بعضهم عن ذلك بأن ثبوته في الاصطياد لا يستلزم ثبوته في الذبح أيضا ، لإمكان كون التذكية الصيدية هي ما تخرج روحه بالاصطياد ، وليس غيره اصطيادا ، ولا كذلك التذكية الذبيحة المعتبر فيها قطع الأوداج مع الحياة وإن مات بعد ذلك بسبب آخر معها ، إذ قد عرفت عدم الفرق بينهما في ذلك ، إلا أن التذكية الذبيحة توجب العلم بعدم استقرار حياة المذبوح بعد الذبح بخلاف التذكية الصيدية ، ومع فرض كونها كذلك لا فرق بينهما في الحكم ، كما هو واضح.
هذا وقد ذكر بعض الناس أن الذي خلط الأمر في هذا المقام هو ما تقدم في مسألة تذكية الصيد المدرك ذكاته من أن المراد بعدم استقرار الحياة صيرورتها في شرف الزوال وشروعها في الخروج ، ولا يبعد أن يكون ذلك مرادهم من قولهم : « لا يمكن أن يعيش اليوم والأيام » فإنه ما لم يشرع بالخروج لا يمكن الحكم بعدم الإمكان ، والصيد الذي صار كذلك بالاصطياد يصدق عليه أنه مقتول الآلة ، سيما إذا ترك حتى خرج تمام روحه ، ومن يحكم بلزوم الذبح حينئذ فليس نظره إلا إلى بعض الأخبار كما مر ، ومن لم يعتبر هذه الأخبار حكم بعدم لزوم الذبح حينئذ ، واشترط في لزومه استقرار حياة الصيد ، لما عرفت. فاختلط الأمر ، وآل إلى التعدي إلى الذبيحة من غير استبصار.