منها وصلّوا فإنّها جنّ من جنّ خلقت ، ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ (١) بأنفها؟» (٢).
هذا كلّه ، مع أنّه حكي عن بعض اللغويّين تفسير المعاطن بالمعنى الأعمّ (٣) ، فلا ينبغي الاستشكال في الكراهة في مطلق مواطنها ، مع أنّه يكفي في ذلك فتوى الأصحاب ـ على ما نسب إليهم (٤) ـ من باب التسامح.
وكيف كان فما حكي عن المفيد والحلبي من القول بالمنع (٥) ، ضعيف ، إلّا أن يكون مقصودهما به الكراهة ؛ لأنّ في الأخبار قرائن كثيرة تشهد بإرادتها ، كالتعبير بلفظ «لا تصلح» والكراهة والرخصة فيه عند الخوف على المتاع من غير أن يأمره بنقل متاعه إلى مكان آخر مع الإمكان ، كما هو الغالب ، وتعليل المنع في النبويّين بما يناسب الكراهة ، ونفي البأس عنه وعن مرابض الغنم والبقر في موثّقة (٦) سماعة مطلقا إذا نضحه بالماء وكان يابسا ، بخلاف مرابض الخيل والبغال التي ستسمع أنّ النهي عنها أيضا على سبيل الكراهة لدى المشهور ، فتكون حينئذ نصّا في المدعى.
هذا ، مع أنّ تقييد هذه الموثّقة بما إذا كان له هناك متاع وخاف عليه التلف ؛
__________________
(١) أي : ارتفع وتكبّر. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٢ : ٥٠٠ «شمخ».
(٢) سنن البيهقي ٢ : ٤٩٩ ، كنز العمّال ٧ : ٣٤٠ / ١٩١٦٧.
(٣) راجع : مقاييس اللغة ٤ : ٣٥٢ «عطن».
(٤) نسبه إليهم البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٢٠١.
(٥) المقنعة : ١٥١ ، الكافي في الفقه : ١٤١ ، وحكاه عنهما الفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ٢٩٠ و ٢٩٤.
(٦) تقدّمت الموثّقة في ص ١٠١.