له ـ مضافا إلى ظهور جملة منها ـ ممّا وقع فيها التعبير بلفظ الكراهة ـ في ذلك ، مع اعتضاده بعموم الأخبار الدالة على مسجديّة الأرض كلّها ـ صحيحة أيّوب بن نوح عن أبي الحسن الأخير عليهالسلام ، قال : قلت له : تحضر الصلاة والرجل في البيداء ، قال :
«يتنحّى عن الجوادّ يمنة ويسرة ويصلي» (١) فإن مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار التي وقع فيها النهي عن الصلاة في البيداء : حمل النهي على الكراهة ، ومعه لا يبقى له ظهور في الحرمة بالنسبة إلى ما عداها ، خصوصا في مثل هذه الموارد التي لا يناسبها إلّا الكراهة.
ونحوها صحيحة علي بن مهزيار أنّه سأل أبا الحسن الثالث عليهالسلام عن الرجل يصير في البيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها كيف يصنع بالصلاة وقد نهي أن يصلّي في البيداء؟ فقال : «يصلي فيها ، ويتجنّب قارعة الطريق» (٢).
ولكن هذه الصحيحة حيث إن موردها الضرورة يشكل جعلها شاهدة لإثبات الجواز بلا ضرورة.
وممّا يشهد لإرادة الكراهة في الأخير : التعليل الواقع في رواية (٣) عمّار :«بأنّ فيه منازل الجنّ» فإنّه يجعلها ظاهرة في إرادة الكراهة ، كما لا يخفى على المتتبّع في أخبار الأئمّة عليهمالسلام ، المشتملة على هذا النحو من التعليلات ، كما أنّه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٨٩ / ٩ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ / ١٥٥٩ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٣.
(٢) الفقيه ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨ / ٧٣٤ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٦.
(٣) تقدّمت الرواية في ص ١١٥.