وخبر معمّر بن خلّاد قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن السجود على الثلج ، فقال : «لا تسجد في السبخة ولا على الثلج» (١).
ولكن يتوجّه عليه أنّ المتبادر من الأخبار الناهية عن الصلاة على الثلج إنّما هو المنع عنها من حيث هي ، وهي صادقة عند وضع شيء ممّا يصحّ السجود عليه موضع جبهته ، كيف! ولو كان المانع منحصرا في أنّ الثلج ممّا لا يصحّ السجود عليه لم يكن ذلك مقتضيا للنهي عن طلب التجارة في تلك الأراضي ، بل كان مقتضيا لأن يأمره بأن يتّخذ معه شيئا مما يصحّ السجود عليه من تربة أو حجارة أو عود ونحوها ، فلعلّ حكمة الحكم عدم التمكّن من كمال الاستقرار ، أو عدم حصول التوجّه والإقبال ؛ لما يجده من ألم البرد ما لم يكن على الثلج حائل من ثوب ونحوه ، إلى غير ذلك من المناسبات المقتضية للكراهة.
وأمّا الأخبار الناهية عن السجود على الثلج : فلا تنهض شاهدة لصرف تلك الأخبار عن ظاهرها ؛ إذ لا تنافي بين مفاديهما ، بل قد يدعى أنّ المراد بهذه الأخبار أيضا النهي عن الصلاة على الثلج ، فيكون إطلاق السجود عليها من قبيل إطلاق الرقبة على الإنسان ، كما هو شائع في الأخبار.
وكفاك شاهدا على ذلك : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (٢) وهذا الاستعمال وإن كان مجازا ولكن ربما يشهد له بعض القرائن الداخليّة ، ولكنّه لا يخلو عن تأمّل.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣١٠ / ١٢٥٧ ، الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١.
(٢) الفقيه ١ : ١٥٥ / ٧٢٤ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب التيمّم ، ح ٢.