قلت : ما أعرف ذلك فينا ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : «فلا شيء إذا» قلت : فالهلاك إذا ، فقال : «إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم [ بعد ]» (١).
ونحوه الخبر المرويّ ـ عن كتاب الاختصاص للمفيد ـ عن أبان بن تغلب عن ربعي عن بريد العجلي ، قال : قيل لأبي جعفر عليهالسلام : إنّ أصحابنا بالكوفة لجماعة كثيرة فلو أمرتهم لأطاعوك واتّبعوك ، قال : «يجيء أحدكم إلى كيس أخيه فيأخذ منه حاجته؟» فقال : لا ، قال : «هم بدمائهم أبخل ، إنّ الناس في هدنة تناكحهم وتوارثهم حتى إذا قام القائم عليهالسلام جاءت المزايلة ، وأتى الرجل إلى كيس أخيه فيأخذ حاجته فلا يمنعه» (٢).
وتنزيلهما على إرادته في خصوص ما لو علم به المالك حين أخذ الفلوس من كيسه ممّا لا داعي إليه. بل المقصود بالاستفهام بحسب الظاهر هو الاستعلام عن وصولهم في مقام الأخوّة والصداقة إلى حدّ طابت نفوسهم بأن يتصرّف كلّ منهم في ملك صاحبه بما يحتاجه من غير احتياج إلى الاستئذان منه.
وكيف كان فهذا ـ أي كفاية الرضا الشأني بالمعنى المتقدّم ـ ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال فيما لو قارنه كراهة فعليّة ، كما لو علم من حاله أنّه يحبّ إكرام الفقراء ويرضى بتصرّفهم في ملكه ولكنّه زعم أن زيدا غني ، فمنعه عن ذلك ، فقد يتخيّل في مثل المقام أنّه يجوز لزيد أن يتصرّف في ملكه إذا علم باندراجه في الموضوع الذي علم من حاله الرضا لمن اندرج فيه.
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٧٣ ـ ١٧٤ (باب حقّ المؤمن على أخيه ..) ح ١٣ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٢ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) الاختصاص : ٢٤ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب مكان المصلي ، ح ٤.