أمارة معتبرة ، كظواهر الألفاظ أو البيّنة ونحوها ، أم يكفي الظنّ مطلقا أو في الجملة ، فيه وجوه ، بل أقوال ، فربما يظهر من بعض اعتبار العلم مطلقا ؛ تعويلا على أصالة عدم حجّية ما عداه ، بل هو صريح عبارة المدارك في شرح عبارة المصنف رحمهالله ، فإنّه ـ بعد أن بيّن أنحاء الإذن ـ قال : وبالجملة ، فالمعتبر في غير المباح والمملوك للمصلّي العلم برضا المالك ، سواء كان الدالّ على الرضا لفظا أو غيره. ثمّ نظّر في عبارة المصنّف رحمهالله من وجوه ، ثالثها : أنّ اكتفاءه ـ رحمهالله تعالى ـ في شاهد الحال بأن تكون هناك أمارة تشهد أن المالك لا يكره غير مستقيم ؛ لأنّ الأمارة تصدق على ما يفيد الظنّ أو منحصرة فيه ، وهو غير كاف هنا ، بل لا بدّ من إفادتها العلم كما بيّناه (١). انتهى.
وعن الشهيد الثاني التفصيل ، فاكتفى بشاهد الحال في المكان ، دون اللباس ، قال : اقتصارا فيما خالف الأصل ـ وهو التصرّف في مال الغير بغير إذنه ـ على محلّ الوفاق (٢). انتهى ، فكأنّه أراد بشاهد الحال الأمارات المورثة للظنّ بالرضا ، وإلّا فلا شبهة في جواز الاعتماد على الأمارات المفيدة للقطع مطلقا ؛ ضرورة أنّ العلم في حدّ ذاته واجب الاتّباع من أي سبب حصل ، فليس الاعتماد عليه مخالفا للأصل كي يقتصر على محلّ الوفاق ، فكلامه كالصريح في إرادة الاكتفاء بالأمارات الظنّية في المكان دون غيره.
وربما يفصّل في الأمارات الظنّية بين ما جرت العادة بالتعويل عليها ، أي ما كان له ظهور عرفي بحسب وضعه ، كالمضايف ونحوها ممّا كان بمقتضى وضعه
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٢١٦.
(٢) روض الجنان ٢ : ٥٤٦ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٢٨١.