لأنّها تصرّف ، وهو في ملك الغير بغير إذنه غير جائز باتّفاق جميع الأديان والملل ، ويدلّ عليه عموم الروايتين المتقدّمتين في مسألة اللباس الغصبي (١).
أقول : كونه اتّفاقيّا في جميع الأديان والملل يكشف عن كونه من المستقلّات العقليّة التي يلتزم به كافّة العقلاء ، بل هو في حدّ ذاته من ضروريّات العقل ، وكونه كذلك لعلّه هو الذي دعاه إلى ادّعاء اتّفاق جميع أرباب الملل ، وإلّا فلا طريق بحسب الظاهر لاستكشاف آراء الجميع بغير هذا الوجه.
ومراده بالروايتين المتقدّمتين الخبر المروي عن صاحب الزمان ـ عجل الله فرجه ـ أنّه قال : «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغيره إذنه» (٢) ورواية محمّد بن زيد (٣) الطبري : «لا يحلّ مال إلّا من وجه أحلّه الله» (٤).
ثمّ قال بعد أسطر : وأمّا ما توهّمه بعض من قاربنا عصره من عدم توقّف هذا النوع من التصرّفات على الإذن من المالك ؛ لثبوت الإذن من الشارع ، للإجماع عليه ؛ حيث إنّا نرى المسلمين في الأعصار والأمصار بل الأئمّة وأصحابهم يصلّون ويمرّون في صحاري الغير وبساتينهم وجماعاتهم وحمّاماتهم وخاناتهم ، وفي أملاك من لا يتصوّر في حقّه الإذن كالصغير والمجنون ، وفي أملاك من يكون الظاهر عدم إذنهم ؛ لمخالفتهم في العقائد ، ففيه : أنّه يمكن أن تكون هذه التصرّفات منهم للعلم بالرضا أو الظنّ بشاهد حال أو نحوه ، ولم يثبت
__________________
(١) مستند الشيعة ٤ : ٤٠١.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٠ ، الهامش (٣).
(٣) في التهذيبين : «يزيد».
(٤) الكافي ١ : ٥٤٧ ـ ٥٤٨ (باب الفي والأنفال ..) ح ٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٣٩ / ٣٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٩ / ١٩٥ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الأنفال ، ح ٢.