أرباب الملل ـ الذين ادّعى اتّفاقهم على عدم جواز التصرّف في ملك الغير بغير إذنه ـ بأنّ اعتبار العلم بالإذن أو الظنّ في إباحة التصرّف على جهة الطريقيّة ، وأن رضا المالك بنفسه هو السبب لحلّ التصرّف ، والعلم به أو الظنّ المعتبر كاشف عن تحقّقه ، كما في سائر الأسباب المبيحة أو المملكة ، لا أن العلم بعدم الإذن أو الظنّ به من حيث هو سبب للحرمة كي يكون عدمه مناطا للحل كما زعمه قدسسره وصرّح به في طيّ بعض كلماته التي طوينا ذكرها.
ويشهد لذلك ـ مضافا إلى ذلك ـ النصوص والفتاوى المعتضدة بصريح العقل ، وقاعدة سلطنة الناس على أموالهم ، القاضية بحرمة الاستيلاء على ملك الغير من غير رضاه.
والخدشة في دلالة ما دلّ على أنّه «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه» لقصوره عن إفادة اعتبار الطيب بالنسبة إلى التصرّفات الغير المتلفة ممّا لا ينبغي الالتفات إليها بعد اعتضاده بما عرفت ، وظهوره عرفا في إرادة المنع عن الاستيلاء على مال الغير من غير رضاه ، كما تقدّمت الإشارة إليه في صدر المبحث.
وكيف كان فاشتراط حلّ التصرّف في مال الغير برضاه من الوضوح بمكان لا يحوم حوله شائبة ارتياب ، فلا بدّ من إحرازه بالعلم أو ما قام مقامه ، كالبيّنة وظواهر الألفاظ وخبر الثقة إن اعتبرناه في الموضوعات ، كما هو الأظهر على ما بيّنّاه في المواقيت وغيرها من المباحث السابقة.
وأمّا الأمارات الظنّيّة المعبّر عنها بشاهد الحال فهي أيضا حجّة معتمدة إن كانت ممّا جرت العادة على التعويل عليها بأن كان لها ظهور عرفيّ معتدّ به لدى