على أنّ منشأ عدم كفاية الإقامة وحدها فيما حكم به في الرواية تأكّد الاستحباب ، لا الوجوب.
هذا ، مع معارضتها ـ على تقدير تسليم الدلالة ـ بما هو أظهر في جواز تركه في الجماعة إن لم نقل بكونه نصّا فيه ، وهو صحيحة عليّ بن رئاب وخبر الحسن ابن زياد ، المتقدّمتان (١) الناطقتان بكفاية إقامة واحدة عند اجتماع القوم وعدم انتظارهم لأحد ، فإنّه إن لم يكن المقصود خصوص صلاتهم جماعة فلا أقلّ من كونه القدر المتيقّن ممّا أريد بهما ، كما لا يخفى.
ولا يصحّ الاستشهاد للقول المزبور بموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سئل عن الرجل يؤذّن ويقيم ليصلّي وحده فيجي رجل آخر فيقول له : نصلّي جماعة ، هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : «لا ، ولكن يؤذّن ويقيم» (٢) فإنّ مقتضى ترك الاستفصال : عدم الفرق بين ما لو أراد الرجل الآخر الائتمام أو الإمامة ، مع أنّه لا يظنّ بأحد الالتزام به في الفرض الأوّل ، كما لعلّه هو المتبادر من مورد الرواية ، فإنّ مقتضاه عدم جواز الائتمام بمن دخل في الصلاة لا بنيّة الإمامة إلّا بأذان وإقامة بقصد الجماعة ، ولا يظنّ بهم الالتزام بهذا الظاهر ، وعلى تقديره ففيه ما عرفت من معارضة هذا الظاهر بغيره ممّا سمعت ، فلا بدّ من حمله على الاستحباب.
وقد يستدلّ لهذا القول أيضا بأنّ الجماعة عبادة توقيفيّة ، ولم يثبت
__________________
(١) في ص ٢١٤.
(٢) الكافي ٣ : ٣٠٤ ، ذيل ح ١٣ ، الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٦٨ ، التهذيب ٣ : ٢٨٢ / ٨٣٤ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ١.