تقدّمت (١) حكايته عن ابن الجنيد ـ من القول بأنّهما يجبان على الرجال جماعة وفرادى ، سفرا وحضرا في الصبح والمغرب والجمعة ، وتجب الإقامة في باقي المكتوبات ، وأنّ على النساء التكبير والشهادتين ـ ربما ينطبق عليه ظواهر كثير من أخبار الباب.
ولكنّك عرفت أنّ مقتضى الجمع بينها وبين غيرها : حمل ما كان ظاهره وجوب الأذان في الفجر والمغرب على الاستحباب المتأكّد ، فهذا القول أيضا ضعيف.
وأضعف منه القول بوجوبهما في الجماعة إمّا مطلقا أو للرجال خاصّة ، كما حكي التصريح بالاختصاص عن بعض (٢) القائلين به ؛ إذ لا شاهد لهذا القول عدا رواية أبي بصير عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته أيجزئ أذان واحدا؟ قال : «إن صلّيت جماعة لم يجزئ إلّا أذان وإقامة ، وإن كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك تجزئك إقامة إلّا الفجر والمغرب فإنّه ينبغي أن تؤذّن فيهما وتقيم من أجل أنّه لا يقصّر فيهما ، كما يقصّر في سائر الصلوات» (٣) لما تقدّمت الإشارة اليه آنفا من أنّ التعبير بعدم الإجزاء لا يدلّ على الوجوب ؛ فإنّ مفاده ليس إلّا عدم الإجزاء في الخروج عن عهدة التكليف المتعلّق به على حسب مشروعيّته ، وجوبيّا كان أم ندبيّا ، فليس في هذا التعبير دلالة على كون ذلك التكليف وجوبيّا ، خصوصا مع ظهور لفظ «ينبغي» ـ الوارد في ذيل الرواية ـ في الاستحباب ، فيصلح شاهدا
__________________
(١) في ص ٢١١.
(٢) هو السيّد المرتضى كما تقدّم في ص ٢١٠.
(٣) تقدّم تخريجها في ص ٢١٧ ، الهامش (٢).