وأمّا الأوقاف الخاصّة : فما كان منها موقوفا على أن يكون جميع منافعها للموقوف عليهم ، كما لو وقف داره على أولاده نسلا بعد نسل على أن يكون جميع ما يتعلّق بها من المنافع حقّا لهم ، فحالها حال الملك الطلق في أنّه لا يجوز لأحد أن يتصرّف فيها من غير رضاهم ؛ لأنّ كلّ ما يقع من التصرّفات من مثل الصلاة والجلوس والمرور ونحوها فهو نوع من منافعها التي يستحقّها الغير ، فلا يجوز إلّا برضاه ، كما في العين المستأجرة التي لا يجوز لأحد أن يتصرّف فيها بمثل هذه التصرّفات إلّا برضا المستأجر.
وكذلك الكلام في الوقف العامّ الذي قصد به استيفاء جميع منافعها بأجرة ونحوها وصرفها في مصالح المسلمين أو سائر وجوه البرّ ، كما لا يخفى.
وأمّا ما كان منها وقفا لهم على عمل خاصّ ، كما لو وقف داره على أن يكون مدرسا لأولاده ، أو على أن يدفنوا فيها موتاهم ، فهل يجوز لغيرهم سائر أنحاء التصرّفات الغير المنافية لما تعلّق به غرض الواقف ممّا لا يترتّب بواسطته ضرر على الوقف أو الموقوف عليهم ، بل وكذلك الكلام في تصرّف بعضهم فيها بمثل هذه التصرّفات من غير رضا الباقين ، أو من جعل له النظر في الوقف إن لم نقل بدخولها في ما أراده الواقف بشهادة الحال أو الفحوى؟ وجهان : من أنّ الوقف الخاصّ ـ على ما صرّح به الأصحاب ـ ملك للموقوف عليهم ، فيعتبر فيه رضاهم أو رضا من له الولاية عليه بجعل الواقف ، ومن أنّ هذا النوع من الوقف في الحقيقة ليس وقفا خاصّا ، بل وقف عام على جهة خاصّة لنوع مخصوص ، والله العالم.