الصوت (١) كما حكي عن أبي حنيفة (٢) ؛ معلّلا بخوف الالتباس (٣) ، بل يناسب ترك الجماعة ثانيا في ذلك المسجد ولو بعد تفرّق الصفوف ، لا ترك خصوص الأذان والإقامة ما دامت الصفوف باقية ولو مع الإسرار بهما ، كما يقتضيه إطلاق أغلب الأخبار المتقدّمة.
والحاصل : أنّ هذا الوجه لا يناسب هذا الحكم ، والذي يغلب على الظنّ أنّ حكمة الحكم كون الاجتزاء بأذان الجماعة والمبادرة إلى فعل الفريضة قبل تفرّقهم موجبا لحصول مرتبة من التبعيّة والائتمام الموجب لإدراك فضيلة الجماعة في الجملة ، كما يومىء إلى ذلك ما في خبر (٤) السكوني [ من ] الأمر بالبدأة بصلاة الفريضة من غير أن يتطوّع والنهي عن الخروج عن ذلك المسجد إلى غيره حتّى يصلّي فيه ، فإنّه مشعر ببقاء أثر الائتمام وفضله في ذلك المسجد الذي صلّى فيه جماعة ، ولكن يجب صرفه ـ لو لم نقل بانصرافه في حدّ ذاته ـ إلى ما إذا لم تتفرّق الصفوف ؛ جمعا بينه وبين غيره من الروايات.
ويحتمل بعيدا أن يكون المقصود بقوله في خبر (٥) السكوني : «وقد صلّى أهله» دخولهم في الصلاة ، لا فراغهم عنها ، فليتأمّل.
ثمّ إنّ قضيّة ما ذكر من الحكمة : كون الحكم من توابع الجماعة من حيث
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩٨ ، وحكاه عنه السبزواري في ذخيرة المعاد : ٢٥٣.
(٢) المحكيّ عنه في العزيز شرح الوجيز ١ : ٤٠٦ هو عدم استحباب الأذان ، وفي تذكرة الفقهاء ٣ : ٦٢ ، المسألة ١٧٠ كما في المتن.
(٣) هذا التعليل للشافعي في أحد قوليه من استحباب الأذان ، راجع : العزيز شرح الوجيز ١ : ٤٠٦.
(٤) تقدّم الخبر في ص ٢٥٠.
(٥) تقدّم الخبر في ص ٢٥٠.