الصحّة ، بل مقتضاه عدم مشروعيّة الأذان بعدها بفوات محلّه ، فلو دلّ دليل شرعيّ من نصّ أو إجماع أو أصل ـ كاستصحاب بقاء التكليف بالأذان ـ على جواز تداركه ما لم يدخل في الصلاة ، فمقتضاه : إمّا انتفاء شرطيّة الترتيب في مثل الفرض وصحّة وقوع الأذان بعد الإقامة ، أو استحباب إعادة الإقامة بعده مقدّمة لتحصيل إدراك فضيلة الأذان ووقوعه في محلّه ، أي ما قبل الإقامة ، أو تحصيل صفة كمال في الإقامة ، وهي ترتّبها على الأذان ، فتكون إعادتها بعد الأذان كإعادة المنفرد صلاته جماعة لإدراك فضيلة الجماعة.
وعلى أيّ تقدير فلا يعقل أن يؤثّر الأذان اللاحق في بطلان الإقامة السابقة وانقلابها عمّا هي عليه من الصحّة وجواز الاكتفاء بها.
اللهمّ إلّا أن يدلّ دليل شرعيّ تعبّديّ على اشتراط الإقامة بأن لا يقع بعدها الأذان ، وهذا ممّا لا تفي بإثباته الأدلّة التي استظهروا منها شرطيّة الترتيب ، كما لا يخفى على المتأمّل.
فكأنّه قدسسره جعل ما نحن فيه كسائر المقامات التي يعتبر فيها الترتيب ، كأجزاء الأذان والإقامة والوضوء ونحوها ، أو كالظهرين ونحوهما ممّا لا يتنجّز التكليف بالمتأخّر إلّا بعد الفراغ من المتقدّم ، فلو عكس الترتيب يقع المتأخّر الذي قدّمه باطلا ، دون المتقدّم الذي أخّره ، كما لا يخفى وجهه ، ومن الواضح أنّ ما هو مناط بطلان الذي قدّمه في سائر المقامات ـ وهو عدم تنجّز التكليف به حين فعله ـ منتف في المقام ، فالترتيب بين الأذان والإقامة ليس إلّا كالترتيب بين الفرائض اليوميّة ونوافلها ، أو الترتيب بين نافلة الليل وركعات الوتر ونافلة الفجر