ارتباط بعض الأجزاء ببعض بحيث يعدّ المجموع بنظر العرف عملا واحدا ، وإلّا بطل من حيث فوات الموالاة ، كما صرّح به غير واحد (١).
وعلّله في المدارك بأنّه لم ينقل عنهم عليهمالسلام الفصل بين فصولهما ، والعبادة سنّة متلقّاة من الشارع ، فيجب الاقتصار فيها على ما ورد به النقل (٢).
وفيه : أنّ الذى يتوقّف على النقل والتلقّي من الشارع إنّما هي الأجزاء والشرائط المعتبرة في العبادة ، فلا يجوز إقحام شيء فيها بعنوان الجزئيّة أو الشرطيّة ما لم يرد به النقل ، وأمّا ما يحتمل اعتباره فيه فينفى بالأصل ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
وربما يستدلّ له بمرسلة الفقيه عن أبي جعفر عليهالسلام : «تابع بين الوضوء ـ إلى أن قال ـ وكذلك الأذان والإقامة ، فابدأ بالأوّل فالأوّل ، فإن قلت : حيّ على الصلاة ، قبل الشهادتين ، تشهّدت ثمّ قلت : حيّ على الصلاة» (٣).
وفيه : أنّ الرواية كالنصّ في إرادة الترتيب من المتابعة.
وما يقال ـ من أنّ ذكر الترتيب فيها لا يقتضي بكونه المراد من المتابعة خاصّة سيّما بعد إفادة الفاء له وللتعقيب أيضا ـ ففيه : أنّ سوق الرواية يشهد بأنّ ما ذكر فيها من الترتيب أريد به تفسير المتابعة التي أمر بها في صدر الكلام ، ولفظة الفاء في قوله : «الأوّل فالأوّل» جارية مجرى العادة في مقام التعبير ، فلا تدلّ على
__________________
(١) كالعلّامة الحلّي في تحرير الأحكام ١ : ٣٦ ، ومنتهى المطلب ٤ : ٣٩٤ ، ونهاية الإحكام ١ : ٤١٣ ـ ٤١٤ ، والشهيد الأوّل في البيان : ٧٤ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٨٠ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام ١ : ١٩٠ ، والعاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٢٩٢.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٢٩٣.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨ ـ ٢٩ / ٨٩ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ٣.