الارتزاق من بيت المال ، كما صرّح به غير واحد (١) ، وإلّا فلا موقع للتشاحّ ؛ لجواز أن يؤذّن الجميع للإعلام وللجماعة أيضا على الأظهر ، كما ستعرف ، فالمكلّف بالترجيح لدى التشاحّ هو الحاكم أو نائبه ممّن وظيفته التصدّي لمثل هذه الأمور ، واللازم عليه أن يراعي مطلق الجهات المقتضية للترجيح ممّا تكون فائدة الأذان بلحاظها أتمّ وأصلح بحال المسلمين ، لا خصوص الأعلميّة ، كما هو ظاهر المتن ، أو مع الأعدليّة ، بل مطلق ما فيه مصلحة المسلمين ، كما صرّح به بعض (٢).
ولا يبعد أن يكون مراد غيره أيضا ممّن خصّ بعض المرجّحات بالذكر ، وإلّا فلا وجه للتخصيص إن أراد المؤذّن المنصوب ، كما هو الظاهر ، وإن أراد غيره ، فلا مانع عن الجمع كي يحتاج إلى الترجيح.
نعم ، في الموارد التي جرت العادة بأن لا يؤذّن إلّا بعضهم ـ كما في الجماعات ـ الأولى أن يختاروا خيارهم ، كما يدلّ عليه النبويّ المرسل : «يؤذّن لكم خياركم» (٣) أو الأرفع صوتا ؛ لما في بعض الأخبار من أمر النبي صلىاللهعليهوآله بإلقاء الأذان على بلال ؛ لأنّه أندى صوتا (٤).
وكيف كان فالأظهر لزوم مراعاة جهات الترجيح مطلقا في من يعطى من بيت المال (ومع التساوي) ينبغي أن (يقرع بينهم) فإنّه أقرب للخلوص و
__________________
(١) كالشهيد الثاني في مسالك الافهام ١ : ١٩٢ ، والعاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٢٩٧ ، والفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ٣٧٢.
(٢) صاحب الجواهر فيها ٩ : ١٣٠.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ / ٧٢٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦١ / ٥٩٠ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٩ ، مسند أبي يعلى ٤ : ٢٣١ ـ ٢٣٢ / ٢٣٤٣.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩١ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٩ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٤١ / ٢٩ ، مسند أحمد ٤ : ٤٣.