وفيه : أنّ إطلاقها وارد مورد حكم آخر ، فمن هنا قد يتطرّق الخدشة في دلالة هذه الصحيحة على المدّعى بإمكان ورودها في مؤذّن الجماعة التي يكون هذا الشخص إمامها ، وستعرف أنّ هذا الفرض خارج عن محلّ الكلام.
نعم ، ربما يستشعر من قوله عليهالسلام : «فأتمّ ما نقّص من أذانه» غير هذا الفرض ، أي ما لو كان قاصدا بأذانه نفسه ، كما أنّه قد يستشعر من قوله عليهالسلام : «وأنت تريد أن تصلّي بأذانه» إرادة صورة الانفراد.
ولكن لا يخفى ما في كلا الإشعارين من الضعف ، فالأولى الاستدلال لإطلاق الحكم بحيث يعمّ كلا الفرضين بخبر (١) عمرو بن خالد ؛ فإنّ قوله عليهالسلام :«يجزئكم أذان جاركم» بحسب الظاهر مسوق لبيان الإطلاق ، وتقييده بأذان الجار جار مجرى العادة بلحاظ خصوصيّة المورد ، كما يؤيّده التعبير بالمضارع ، ونسبة الإجزاء وإضافة الجار إليهم ، فلو كان المقصود بيان الكفاية في خصوص المورد ، لكان المناسب أن يقول : «أجزأني ـ أو أجزأنا ـ أذان جاري» كما يؤيّده أيضا قوله عليهالسلام في خبر (٢) أبي مريم : «وإنّي مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم» إلى آخره ؛ فإنّه مشعر بأنّ مناط الكفاية هو مجرّد سماع الأذان الصادر من جعفر عليهالسلام من حيث هو ، لا لخصوصيّة فيه ، ككونه أذان جماعة أو فرادى أو غير ذلك من الخصوصيّات ، كما أنّه يستشعر من قوله عليهالسلام : «فأجزأني ذلك» بل يستظهر منه كفايته له أوّلا وبالذات ، ولمن يصلّي بصلاته ثانيا وبالتبع ، فمن هنا صحّ أن يدّعى دلالة الرواية على كفايته له لو صلّى وحده بالفحوى من غير حاجة لإثباته إلى
__________________
(١) تقدّم الخبر في ص ٣٧٠.
(٢) تقدّم الخبر في ص ٣٦٩ ـ ٣٧٠.