ولكن لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الدعاوي المبتنية على مقدّمات غير مسلّمة بل ممنوعة ، فلا ينبغي الارتياب في الصحّة مع الذهول.
وأمّا مع الالتفات وتذكّره للمنافاة : فالأقرب أنّه يرجع إلى قصد الخروج ، كما اعترف به شيخنا المرتضى (١) رحمهالله ، ولذا قيّد غير واحد الصحّة بما إذا لم يكن متذكّرا للمنافاة ، بل يحتمل قويّا أن يكون هذا هو مراد غيرهم أيضا ممّن أطلق القول بعدم البطلان ، كالمتن وغيره.
ولكن ربما يستشعر من المدارك أنّه نزّل كلماتهم على صورة تذكّره للمنافاة ، فإنّه ـ بعد أن نسب إلى الشيخ وأكثر الأصحاب القول بعدم بطلان الصلاة بنيّة فعل المنافي إذا لم يفعله ـ قال : وقيل بالبطلان هنا أيضا ؛ للتنافي بين إرادة الضدّين. وهو ضعيف ؛ لأنّ تنافي الإرادتين بعد تسليمه إنّما يلزم منه بطلان الأولى بعروض الثانية ، لا بطلان الصلاة مع تجديد النيّة ، الذي هو موضع النزاع (٢).
انتهى ؛ فإنّ تخصيص موضع النزاع بما لو أوقعها مع تجديد النيّة مشعر بالتسالم على البطلان مع عدم التجديد ، وهذا إنّما يتّجه مع التذكّر الذي قلنا برجوعه إلى نيّة الخروج ، وأمّا مع الغفلة فليس قصده مانعا عن استمرار نيّته الأولى كي تتوقّف صحّة الأجزاء المأتيّ بها بعد إرادة المنافي [ على ] (٣) تجديد النيّة الأولى ، وأنت خبير بأنّ كلماتهم كالنصّ في عدم بطلان الصلاة بنيّة المنافي ما لم يفعله ولو مع تشاغله بالأجزاء ، فالأولى حملها على إرادة صورة الغفلة.
__________________
(١) كتاب الصلاة ١ : ٢٧٩.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٣١٥.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «إلى». والمثبت هو الصحيح.