اليد عنها والتلبّس بما يقتضيه هذا العزم مانع عن بقاء الهيئة الاتّصاليّة الموجبة لصدق الوحدة العرفيّة بينها وبين ما بعدها ، بخلاف ما لو كان ما تلبّس به صادرا لا مع هذا العزم ، فإنّه قد لا يؤثّر في رفع الهيئة الاتّصاليّة ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وقد جعل الأصحاب نظر العرف مناطا في الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة ، ومن الواضح أنّ إعادة تكبيرة الإحرام ـ التي هي عبارة عن استئناف الصلاة ـ أشدّ تأثيرا لدى العرف في محو الصورة القائمة بالأولى مع ما بعدها من تأثير مثل الطفرة ونحوها ممّا مثّلوا بها لمحو الصورة ، فليتأمّل.
وكيف كان فما ذكره المشهور من بطلان الصلاة بإعادة تكبيرة الإحرام إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط ، ولكن قضيّة الاحتياط خصوصا لو وقعت الثانية غفلة عن الأولى : إنّما هو إتمام الفريضة ثمّ الإعادة.
ثمّ إنّه صرّح غير واحد (١) بأنّه لا يعتبر في البطلان بالافتتاح ثانيا نيّة الصلاة معه ؛ لأنّه بقصده الافتتاح يصير ركنا ، ولا يقدح فيه عدم مقارنة النيّة التي هي شرط في صحّة الصلاة ، لا لكونه للافتتاح.
أقول : فكأنّهم أرادوا بنيّة الصلاة معه النيّة التي اعتبروها في أوّل الصلاة مقارنة لأوّل جزء من التكبير ، وإلّا فقصد الصلاة معه من مقوّمات ماهيّة الافتتاح ؛ إذ لا معنى لقصد الافتتاح بالتكبير إلّا قصد الشروع به في الصلاة ، فلا يتأتّى هذا القصد ممّن لم يكن قاصدا للصلاة معه.
نعم ، يعقل أن يأتي بتكبيرة قاصدا كونها هي ماهيّة تكبيرة الافتتاح ، لكنّه
__________________
(١) كالمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٣٩ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٢٩٧.