على ما ادّعاه بعضهم (١) ؛ لأنّ اللاحقة ليست بصلاة كي تصلح مانعة عن صحّة السابقة ، فإذا دخل الرجل في صلاته ليس لامرأة أن تصلّي بحذائه ما لم يفرغ من صلاته ، فلو صلّت والحال هذه ، لم تصح صلاتها ، فهي كصلاة المحدث صورة صلاة ، لا صلاة حقيقة ، فلا يتنجّز بواسطتها النهي في حقّ الرجل عن أن يصلّي وبحذائه امرأة تصلّي ؛ لأنّه فرع تحقّق موضوعه.
لا يقال : إنّ الفساد الناشئ من قبل هذا الحكم لا يصلح أن يكون مانعا عن تحقّق موضوعه ، فالمراد بالصلاة في الرواية الناهية عن أن يصلّي الرجل وبحياله امرأة تصلّي هو العمل الذي يكون صلاة لو لا الشرطيّة المستفادة من هذا النهي ، نظير نهي الحائض عن الصلاة ، فإنّه يراد به النهي عن العمل الذي هو صلاة لو لا الحيض ، وكيف لا! وإلّا لا نتقض بصورة الاقتران ؛ فإنّ شيئا منهما ليس بصلاة مع أنّ كلّا منهما مانع عن صحّة الأخرى.
لأنّا نقول : إنّما يصار إلى التأويل المزبور بالنسبة إلى الصلاة الواقعة في حيّز النهي بقرينة عقلية مرشدة إليه ، كما في صلاة الحائض ، وأمّا بالنسبة إلى الطرف الآخر الذي جعلت صلاته شرطا لتعلّق النهي بهذا الطرف فلا داعي لارتكاب هذا التكليف فيه ؛ إذ لا مانع عقلا من أن يراد من الصلاة في قوله : «وامرأة تصلّي بحذائه» الصلاة الصحيحة المبرئة لذمّتها ، فإنّ من الجائز أن يصرّح الشارع بأنّه يشترط في صحّة صلاة الرجل أن لا يصلّي وبحياله امرأة تصلّي صلاة صحيحة مبرئة لذمّتها ، ويشترط في صحّة صلاة المرأة عكسه ، وقضيّة ذلك
__________________
(١) الصيمري في كشف الالتباس ، كتاب الصلاة ، مكان المصلّي ، ذيل قول ابن فهد الحلّي في الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٧٠ : «وكره امرأة قدّامه ..».