وادّعاء تناول الأدلّة السمعيّة الدالّة على المنع لذلك ، والارتفاع والهبوط ممّا لا مدخليّة له فيه قطعا قطع في غير محلّه ، كيف! مع أنّ المنساق من النصوص والفتاوى إنّما هو إرادة المنع مع التحاذي ، أو كونها بين يديه وبحيال وجهه أو بحياله أو إلى جنبه أو عنده ، وصدق هذه العناوين على مثل الفرض حقيقة ممنوع فضلا عن انصراف الأدلّة إليه.
نعم ، لا يبعد صحّة إطلاق كونها عن يمينه أو عن يساره أو أمامه عرفا ، إلا أنّه خلاف ما ينسبق إلى الذهن من إطلاقها في بعض أخبار الباب ، كرواية علي بن جعفر وموثّقة عمّار ، المتقدّمتين (١) ، مع أنّ أولادهما ليست من الأخبار المانعة ، بل هي دالّة على نفي البأس عن أن يصلّي الرجل صلاة الضحى وأمامه امرأة تصلّي بينها وبينه عشرة أذرع ، فهي لا تدلّ على ثبوت البأس فيما لو كان الفصل بينهما أقلّ من ذلك فضلا عمّا لو صلّت المرأة على سطح عال والرجل على الأرض ، مع أنّه لا يتبادر من تحديد ما بينهما بعشرة أذرع إلّا إرادة كونهما في سطح واحد ، كما أنّه كذلك في موثّقة عمّار.
ثمّ لو سلّمنا شمول أدلّة المنع لذلك ، يشكل الأمر في اعتبار العشرة أذرع ، فهل هو من موقفه إلى موقفها بعد فرض اعتداله ومساواته لموقف الرجل ، أو من موقفه إلى أساس الحائط ومن أساس الحائط إلى أعلاه ثم إلى موقفها ، أو العبرة بكون ما بينهما ـ الذي هو ضلع المثلّث ـ عشرة أذرع؟ وجوه ، أوجهها : الأخير ؛ إذ التحديد تحديد لما بينهما ، وهو البعد الفاصل بين الجسمين ، الذي بملاحظته
__________________
(١) في ص ٧٦.