أنباء أسرك قد طبّقن آفاقا |
|
بل قد عممن جهات الأرض إقلاقا |
سرت من الغرب لا تطوى لها قدم |
|
حتى أتت شرقها تنعاك إشراقا |
فأحرق الفجع أكبادا وأفئدة |
|
وأغرق الدمع آماقا وأحداقا |
قد ضاق صدر المعالي إذ نعيت لها |
|
وقيل : إنّ عليك القيد قد ضاقا |
أنّى غلبت وكنت الدهر ذا غلب |
|
للغالبين وللسّبّاق سبّاقا |
قلت الخطوب أذلّتني طوارقها |
|
وكان غربي إلى الأعداء طرّاقا |
متى رأيت صروف الدهر تاركة |
|
إذا انبرت لذوي الأخطار أرماقا |
وقال لي من أثقه : لمّا ثار ابنه حيث ثار ، وأثار من حقد أمير المسلمين عليه ما أثار ، جزع جزعا مفرطا ، وعلم أنه قد صار في أنشوطة (١) الشرّ متورّطا ، وجعل يتشكّى من فعله ويتظلّم ، ويتوجّع منه ويتألّم ، ويقول : عرض بي للمحن ، ورضي لي أن أمتحن ، وو الله ما أبكي إلّا انكشاف من أتخلّفه بعدي ، ويتحيّفه بعدي (٢) ، ثم أطرف ورفع رأسه وقد تهللت أسرّته ، وظللته مسرّته ، ورأيته قد استجمع ، وتشوّف إلى السماء وتطلّع ، فعلمت أنه قد رجا عودة إلى سلطانه ، وأوبة إلى أوطانه ، فما كان إلّا بمقدار ما تنداح دائرة ، أو تلتفت مقلة حائرة ، حتى قال: [المتقارب]
كذا يهلك السيف في جفنه |
|
إلى هزّ كفّي طويل الحنين |
كذا يعطش الرمح لم أعتقله |
|
ولم تروه من نجيع يميني |
كذا يمنع الطّرف علك الشك |
|
يم مرتقبا غرّة في كمين |
كأنّ الفوارس فيه ليوث |
|
تراعي فرائسها في عرين |
ألا شرف يرحم المشرفيّ |
|
ممّا به من شمات الوتين (٣) |
ألا كرم ينعش السّمهريّ |
|
ويشفيه من كل داء دفين |
ألا حنّة لابن محنيّة |
|
شديد الحنين ضعيف الأنين |
يؤمّل من صدرها ضمّة |
|
تبوّئه صدر كفر معين (٤) |
وكانت طائفة من أهل فاس قد عاثوا فيها وفسقوا ، وانتظموا في سلك الطغيان واتّسقوا ،
__________________
(١) الأنشوطة : العقدة التي يسهل حلها.
(٢) يتحيفه : ينقصه ويأخذ من أطرافه.
(٣) في ج : «مما به من سمات الوتين».
(٤) في ج : «تبوئه صدر كفؤ معين». وفي ه : «تبوئه صدر كبير معين».