وفتكا ، وتمسك باسم التقى وقد هتكه هتكا ، لا يبالي كيف ذهب ، ولا بم تمذهب ، وكانت له أهاجي جرّع بها صابا (١) ، ودرّع منها أوصابا (٢) ، وقد أثبتّ له ما يرشف (٣) ريقا ، ويشرب تحقيقا (٤) ، فمن ذلك قوله يتغزل : [الكامل]
من لي بغرّة فاتن يختال في |
|
حلل الجمال إذا بدا وحليّه (٥) |
لو شبّ في وضح النّهار شعاعها |
|
ما عاد جنح اللّيل بعد مضيّه (٦) |
شرقت لآلي الحسن حتّى خلّصت |
|
ذهبيّه في الخدّ من فضّيه |
في صفحتيه من الجمال أزاهر |
|
غذيت بوسميّ الحيا ووليّه (٧) |
سلّت محاسنه لقتل محبّه |
|
من سحر عينيه حسام سميّه |
وله فيه : [مجزوء الرمل]
كيف لا يزداد قلبي |
|
من جوى الشوق خبالا |
وإذا قلت عليّ |
|
بهر الناس جمالا |
هو كالغصن وكالبد |
|
ر قواما واعتدالا |
أشرق البدر كمالا |
|
وانثنى الغصن اختيالا |
إنّ من رام سلوّي |
|
عنه قد رام محالا |
لست أسلو عن هواه |
|
كان رشدا أو ضلالا |
قل لمن قصّر فيه |
|
عذل نفسي أو أطالا |
دون أن تدرك هذا |
|
تسلب الأفق الهلالا |
وكنت بميورقة وقد حلها متّسما بالعبادة ، وهو أسرى إلى الفجور من خيال أبي عبادة (٨) ، وقد لبس أسمالا ، ولبّس منه أقوالا وأفعالا ، سجوده هجود ، وإقراره بالله جحود ، وكانت له
__________________
(١) الصاب : شجر مر الطعم ، أو عصارة شجر الصاب.
(٢) الأوصاب : جمع وصب. وهو المرض ، أو الألم الدائم.
(٣) في ب «ما يرتشف».
(٤) في ه «وتلتحف الأيام منه شروقا».
(٥) في ه «إذا مشى وحليه».
(٦) في ب ، ه «لو شمت في وضح النهار شعاعها».
(٧) الوسمي : مطر الربيع الأول. والوليّ : المطر بعد المطر.
(٨) أبو عبادة : هو البحتري الشاعر العباسي المشهور بوصف الخيال وطروقه.