فما لي لا أبكي أم القلب صخرة |
|
وكم صخرة في الأرض يجري بها نهر |
بكت واحدا لم يشجها غير فقده |
|
وأبكى لألّاف عديدهم كثر |
بنيّ صغير أو خليل موافق |
|
يمزّق ذا قفر ويغرق ذا بحر |
ونجمان زين للزّمان احتواهما |
|
بقرطبة النّكداء أو رندة القبر (١) |
غدرت إذن إن ضنّ جفني بقطرة |
|
وإن لوّمت نفسي فصاحبها الصّبر |
فقل للنّجوم الزّهر تبكيهما معي |
|
لمثلهما فلتحزن الأنجم الزّهر |
وقال في ترجمة الراضي ما صورته (٢). وكان المعتمد رحمه الله تعالى كثيرا ما يرميه بملامه ، ويصميه بسهامه ، فربما استلطفه بمقال أفصح من دمع المحزون ، وأملح من روض الحزون (٣) ، فإنه كان ينظم من بديع القول (٤) لآلىء وعقودا ، تسلّ من النفوس سخائم وحقودا (٥) ، وقد أثبت من كلامه في بث آلامه ، واستجارة عذله وملامه ، ما تستبدعه ، وتحلّه النفوس وتودعه ، فمن ذلك ما قاله وقد أنهض جماعة من أخوته وأقعده ، وأدناهم وأبعده : [الوافر]
أعيذك أن يكون بنا خمول |
|
ويطلع غيرنا ولنا أفول |
حنانك إن يكن جرمي قبيحا |
|
فإنّ الصّفح عن جرمي جميل |
ألست بفرعك الزّاكي وما ذا |
|
يرجّى الفرع خانته الأصول |
ثم قال الفتح بعد كلام (٦) : ومرت عليه ـ يعني الراضي ـ هوادج وقباب ، فيها حبائب كن له وأحباب ، ألفهن أيام خلائه من دوله ، وجال معهن في ميدان المنى أعظم جوله ، ثم انتزعوا منه ببعده ، وأودعوا الهوادج من بعده ، ووجّهوا هدايا إلى العدوة ، وألموا (٧) بها إلمام قريش بدار الندوة ، فقال : [البسيط]
مرّوا بنا أصلا من غير ميعاد |
|
فأوقدوا نار قلبي أيّ إيقاد (٨) |
وأذكروني أيّاما لهوت بهم |
|
فيها ففازوا بإيثاري وإحمادي |
__________________
(١) في أصل ه «بقرطبة النكراء».
(٢) القلائد ص ٣٢.
(٣) في أصل ه «رياض الحزون».
(٤) في أصل ه «بدائع القول».
(٥) سخائم : جمع سخيمة وهي الأحقاد.
(٦) القلائد ص ٣٢.
(٧) دار الندوة : مكان في مكة كانت قريش تجتمع فيه للمشاورة فيما يعرض لهم من الأمور الجسام.
(٨) في ب ، ه «فأوقدوا نار شوقي».