بعض الوجوه ممن نجا من أهلها حصلن في سهم قومس من الرابطة فيها كان يعرفه (١) ، قال : فهديت إلى منزله فيها ، واستأذنت عليه ، فوجدته جالسا مكان رب الدار ، مستويا على فراشه ، رافلا في نفيس ثيابه ، والمجلس والسرير كما خلّفهما (٢) ربهما يوم محنته لم يغير شيئا من رياشهما وزينتهما ، ووصائفه مضمومات الشعور ، قائمات على رأسه ساعيات في خدمته ، فرحّب بي ، وسألني عن قصدي ، فعرفته وجهه ، وأشرت إلى وفور ما أبذله في بعض اللواتي على رأسه وفيهن كانت حاجتي ، فتبسم وقال بلسانه : ما أسرع ما طمعت فيمن عرضناه لك! أعرض عمن هنا وتعرّض لمن شئت ممن صيرته لحصني من سبيي وأسراي أقاربك (٣) فيمن شئت منهن ، فقلت له : أما الدخول إلى الحصن فلا رأي لي فيه ، وبقربك أنست ، وفي كنفك اطمأننت ، فسمني ببعض من هنا فإني أصير إلى رغبتك ، فقال : وما عندك؟ قلت : العين الكثير الطيب والبز (٤) الرفيع الغريب ، فقال : كأنك تشهيني ما ليس عندي ، يا مجة (٥) ، ينادي بعض أولئك الوصائف ، يريد «يا بهجة» فغيره بعجمته ، قومي فاعرضي عليه ما في ذلك الصندوق ،؟؟؟؟ إليه وأقبلت ببدر الدنانير وأكياس الدراهم وأسفاط الحلى ، فكشف وجعل بين يدي العلج حتى كادت تواري شخصه ، ثم قال لها : أدني إلينا من تلك التخوت ، فأدنت منه عدة من قطع الوشي والخز والديباج الفاخر مما حار له ناظري وبهت ، واسترذلت ما عندي ، ثم قال لي : لقد كثر هذا عندي حتى ما ألذ به ، ثم حلف بإلاهه أنه لو لم يكن عنده شيء من هذا ثم بذل له بأجمعه في ثمن تلك ما سخت بها يدي ، فهي ابنة صاحب المنزل ، وله حسب في قومه ، اصطفيتها لمزيد جمالها لولادتي حسبما كان قومها يصنعون بنسائنا نحن أيام دولتهم ، وقد رد لنا الكرة عليهم ، فصرنا فيما تراه ، وأزيدك بأن تلك الخودة الناعمة (٦) ، وأشار إلى جارية أخرى قائمة إلى ناحية أخرى ، مغنية والدها التي كانت تشدو له على نشواته ، إلى أن أيقظناه من نوماته ، يا فلانة ، يناديها بلكنته (٧) ، خذي عودك فغني (٨) زائرنا بشجوك ، قال :
__________________
(١) في ه «فيما كان يعرفه».
(٢) في ب ، ه «كما تخلفهما ربهما».
(٣) في ج «وأسراري من أقاربك» وليس بذاك. وأقاربك : مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب. وأقاربك هنا : أتساهل معك في الثمن.
(٤) البزّ : الثياب.
(٥) في ج «يا باجة».
(٦) الخود : الفتاة الشابة الناعمة.
(٧) في ج «يناديها بلكنة» واللكنة : عجمة اللسان.
(٨) في ب ، ه «تغني زائرك».