يفتخر المغرب على المشرق ، وبمحتده (١) السامي خطره في الأخطار ، وبيته الذي ذكره في النباهة والنجابة قد طار ، يباهي جميع ملوك الجهات والأقطار ، وكيف لا وهو الرفيع المنتمى والنّجار (٢) ، الراضع من الطهارة صفو ألبان ، الناشىء من السراوة وسط أحجار ، في ضئضىء (٣) المجد وبحبوح الكرم ، وسراوة أسرة المملكة التي أكنافها حرم ، وذؤابة الشرف التي مجاذتها لم ترم ، من معشر أيّ معشر بخلوا إن وهبوا ما دون أعمارهم ، وجبنوا إن لم يحموا سوى ذمارهم ، بنو مرين ، وما أدراك ما بنو مرين :
سمّ العداة وآفة الجزر |
|
النّازلون بكلّ معترك (٤) |
والطيبون معاقد الأزر |
لهم من الهفوات انتفاء ، وعندهم من السير النبوية اكتفاء ، انتسبوا إلى بر بن قيس ، فخرجوا في البرّ عن القيس ، ما لهم القديم المعروف ، قد نفد في سبيل المعروف ، وحديثهم الذي نقلته رجال الزحوف ، من طريق القنا والسيوف ، على الحسن من المقاصد موقوف ، تحمد من صغيرهم وكبيرهم ذابلهم ولدنهم ، فلله آباء أنجبوهم وأمهات ولدنهم ، شم الأنوف من الطراز الأول (٥) ، إليهم في الشدائد الاستناد وعليهم في الأزمات المعوّل ، ولهم في الوفاء والصفاء والاحتفاء والعناية والحماية والرعاية الخطو الواسع والباع الأطول ، كأنما عناهم بقوله جرول (٦) : [الطويل]
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا |
|
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا |
وإن كانت النّعماء فيهم جزوا بها |
|
وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا |
وتعذلني أبناء سعد عليهم |
|
وما قلت إلّا بالّتي علمت سعد |
وبقوله الوثيق مبناه ، البليغ معناه : [البسيط]
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم |
|
شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا (٧) |
__________________
(١) المحتد : الأصل.
(٢) المنتمى : موضع الانتماء والانتساب. والنجار : الأصل.
(٣) ضئضىء المجد : أصله.
(٤) هذه الأشطار الثلاثة من قصيدة للخرنق أخت طرفة بن العبد البكري ترثي فيها قوما وكانوا قتلوا يوم قلاب.
(٥) عجز بيت لحسان بن ثابت الأنصاري يمدح أبناء جفنة ملوك الشام وصدره : بيض الوجوه كريمة أحسابهم.
(٦) جرول : هو الحطيئة وانظر ديوانه ٤١.
(٧) العناج : حبل يجعل في أسفل الدلو تشد به العراقي.
والكرب : عقد مثني يشد على العراقي.