في أشهر الحج كان مخيرا بين الحج والعمرة إذا لم يتعين عليه أحدها ، وان كان في غير أشهر الحج تعين للعمرة. ولو قيل بالبطلان في الأول ولزوم تجديد النية كان أشبه.
قال في المسالك بعد نقل العبارة المذكورة : أراد بالأول الإحرام بهما في أشهر الحج. والقائل بالصحة فيه ابن ابي عقيل وجماعة ، وله شواهد من الاخبار. والأصح البطلان.
أقول : لا ريب ان ابن ابي عقيل وان قال بالإحرام بالحج والعمرة في نية واحدة بشرط سياق الهدي كما تقدم ذكره ، لكنه لا يقول بالتخيير بين الحج والعمرة ، بل هو قائل بوجوب الإتيان بهما : العمرة أولا ثم الحج ، وانه لا يحل من العمرة بعد الإتيان بأفعالها كما في المتمتع الغير القارن ، وإنما يحل بعد الإتيان بأفعال الحج كملا ، كما تقدم تحقيق الكلام في ذلك في البحث الثاني من المطلب الثاني من المقدمة الرابعة (١).
وفي المدارك نقل القول بالتخيير في هذه الصورة عن الشيخ في الخلاف والظاهر انه الأظهر ، لأنه موافق لما قدمنا نقله عن المبسوط ، وان كان قد فرض المسألة ثمة في ما لو لم ينو حجا ولا عمرة ، وهنا في ما لو نواهما معا. ثم رده في المدارك بأنه ضعيف جدا ، قال : لأن المنوي ـ أعني : وقوع الإحرام الواحد للحج والعمرة معا ـ لم يثبت جوازه شرعا ، فيكون التعبد به باطلا ، وغيره لم تتعلق به النية. مع ان العلامة في المنتهى نقل عن الشيخ في الخلاف انه قال : لا يجوز القران بين حج وعمرة بإحرام واحد. وادعى على ذلك الإجماع. انتهى. وهو جيد.
أقول : ومع تسليم صحة وقوع الإحرام للحج والعمرة ـ بناء على
__________________
(١) ج ١٤ ص ٣٧٢.