وأجاب في المدارك عنها (أولا) : بالطعن في السند باشتماله على علي بن حديد. و (ثانيا) : بالمنع من الدلالة ، قال : فإنها إنما تضمنت لزوم الدم بالحلق بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج ، وهو خلاف المدعى. مع ان السؤال ، إنما وقع عن من حلق رأسه بمكة ، والجواب مقيد بذلك السؤال لعود الضمير الواقع فيه الى المسؤل عنه ، فلا يمكن الاستدلال بها على لزوم الدم بذلك على وجه العموم. وبالجملة فهذه الرواية ضعيفة السند متهافتة المتن ، فلا يمكن الاستناد إليها في إثبات حكم مخالف للأصل. انتهى.
أقول : فيه أولا ـ ان الطعن في السند لا يقوم حجة على المتقدمين كالشيخ ونحوه ممن لا أثر لهذا الاصطلاح عندهم ، كما أشرنا إليه في غير موضع من ما تقدم.
وثانيا ـ ان هذه الرواية قد رواها الصدوق في الفقيه (١) عن جميل ابن دراج ، وطريقه إليه في المشيخة صحيح ، كما لا يخفى على من راجع ذلك. وهو إنما نقل الرواية عن التهذيب ، وهي فيه ضعيفة كما ذكره.
وثالثا ـ ان ما طعن به على الدلالة مردود ، بان ظاهر سؤال السائل وان كان خاصا بمن حلق رأسه بمكة ، وظاهره ان ذلك بعد عمرة التمتع ، إلا ان الامام (عليهالسلام) اجابه بجواب مفصل يشتمل على شقوق المسألة كملا في مكة أو غير مكة ، فبين حكم الجاهل والمتعمد ، وانه على تقدير التعمد ان كان في أول شهور الحج ـ يعني : شوال ـ في مدة ثلاثين يوما فلا شيء عليه ، وان تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر ،
__________________
(١) ج ٢ ص ٢٣٨.