جزئيا منه ما لم يوجد. وهذا من لطائف المعاني نطق به الامام لمن وفق لفهمه. انتهى.
وقال الفاضل المحدث السيد نعمة الله الجزائري : الوجه ان المقام ظاهرا يقتضي صيغة الجمع ، فالعدول عنه الى الافراد لا بد له من نكتة وعلة تناسبه ، وليست إلا إرادة استغراق جميع الافراد من شهد ومن غاب ، على ان أهل البلاغة ذكروا ان استغراق الفرد أشمل من استغراق الجمع ، ونص عليه العلامة الزمخشري في مواضع من الكشاف. انتهى.
وقال شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني في كتابه ازهار الرياض : سئلت عن هذا الخبر قديما فكتبت في الجواب : لعل مراده ـ والله اعلم بمراد أوليائه ـ ان الخطاب بصيغة الجمع يتناول الموجودين وتناوله لغيرهم انما هو بدليل من خارج من إجماع أو غيره ، كما تقرر في الأصول مستوفى ، والمخالف فيه الحنابلة خاصة ، وأطبق الكل على فساده ، وصيغة «هلموا» من هذا القبيل. فاما صيغة «هلم» فإنه يمكن ان يجعل من قبيل الخطاب العام ، كما تقرر في المعاني والبيان قد يترك الخطاب من المعين الى غير المعين قصدا للعموم وارادة كل من يصلح لذلك ، وجعلوا منه قوله تعالى (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا) (١) ونحوه ، فكأنه يصلح لغير الموجودين ايضا ، فيدخلون بعد اتصافهم بالوجود والكمال. وحينئذ فحاصله ان العدول من «هلموا» الى «هلم» لذلك فإن صيغة «هلم» تصلح للمذكر والمؤنث ، والمفرد والمثنى والجمع ، بالاعتبار المذكور ، ولغير الموجود بالتقريب السابق ، فيدخل بعد كماله ووجوده
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٢٧.