وسيبويه (١) والكسائي (٢) وأبو زيد (٣) : هما بمعنى واحد (٤) نحو دري (٥) ودري ، وبحر لجي ولجي بضم اللام وكسرها. وقال يونس : إن أريد الخدمة والسخرة فالضم لا غير ، وإن أريد الهزء فالضم والكسر (٦) ورجح أبو علي (٧) وتبعه مكي (٨) قراءة الكسر ، قالا (٩) : لأن ما بعدها أليق لها لقوله : (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ). ولا حجة فيه ، لأنهم جمعوا بين الأمرين سخروهم في العمل ، وسخروا منهم استهزاء. والسخرة بالتاء الاستخدام (١٠).
وسخريا بالضم منها ، والسخر بدونها الهزء والمكسور منه ، قال الأعشى :
٣٨١٣ ـ إني أتاني حديث لا أسر به |
|
من علو (١١) لا كذب فيه ولا سخر (١٢) |
ولم يختلف السبعة في ضم ما في الزخرف (١٣) ، لأن المراد الاستخدام ، وهو يقوي قول من فرق بينهما ، إلا أن ابن محيصن وابن مسلم (١٤) وأصحاب عبد الله كسروه أيضا (١٥) ، وهي مقوية لقول من جعلهما بمعنى والياء في سخريا وسخريا للنسب زيدت
__________________
(١) المراجع السابقة.
(٢) قال الفراء : (قال الكسائي : سمعت العرب تقول : بحر لجي ولجي ، ودري ودري منسوب إلى الدر ، والكرسي والكرسي. وهو كثير. وهو في مذهبه بمنزلة قولهم العصي والعصي ، والأسوة والإسوة) معاني القرآن ٢ / ٢٤٣ ، وقال النحاس : (قال الكسائي : هما لغتان بمعنى واحد كما يقال: عصي وعصي) إعراب القرآن ٣ / ١٢٤.
(٣) لم أجده في النوادر ، وهو في البحر المحيط ٦ / ٤٢٣.
(٤) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٤ ، البيان ٢ / ١٨٩ ، التبيان ١ / ٩٦١١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢٣.
(٥) في ب : ودري.
(٦) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٠٧ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢٣.
(٧) المرجعان السابقان.
(٨) قال مكي : (والكسر الاختيار : لصحة معناه ، ولشبهه بما بعده ، ولأن الأكثر عليه) الكشف ٢ / ١٣١.
(٩) في ب : قال.
(١٠) السخرة : ما تسخرت من دابة أو خادم بلا أجر ولا ثمن ، ويقال : سخرته بمعنى سخرته ، أي : قهرته وذللته. اللسان (سخر).
(١١) في ب : علوي.
(١٢) البيت من بحر البسيط ، قاله أعشى باهلة ، وهو مطلع قصيدته التي رثى بها أخاه المنشر بن وهب الباهلي وروي :
إني أتتني لسان لا أسر بها |
|
من علو لا عجب منها ولا سخر |
وهو في النوادر (٧٣) ، ابن يعيش ٤ / ٩٠. اللسان (سخر ، علا ، لسن) ، الخزانة ١ / ١٩١ ، ٦ / ٥١١.
من علو : أي أتاني خبر من أعلى.
واستشهد به على أن السخر والسخر ، بمعنى الهزء ، والبيت يروى بضم السين وسكون الخاء ، ويروى بفتحها.
(١٣) وهو قوله تعالى : «وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا»[الزخرف : ٣٢].
السبعة (٤٤٨) ، الحجة لا بن خالويه (٢٥٩) ، الكشف ٢ / ١٣١ ، النشر ٢ / ٣٢٩ ، الإتحاف ٣٢١.
(١٤) لعله عبد الله بن مسلم بن جندب الهلالي المدني ، أخذ عن أبيه ، وعنه ابن أبي فديك ، قال أبوزرعة : لا بأس به. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (٢١٤).
(١٥) المختصر (١٣٥) ، البحر المحيط ٦ / ٤٢٣.