إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لا إشكال في مقدار سقي الزرع ؛ لاتّفاق النصوص والفتاوى على تقديره بالشراك ، ولا في الشجر ؛ لمرسلتي المبسوط والسرائر (١) المنجبرتين بعمل الأكثر ، مع سلامتهما عن معارضة باقي النصوص الأُخر ؛ لخلوّها عن تحديد مقدار سقيه.
ويبقى الإشكال في النخل ؛ لتعارض النصوص والفتاوى فيه كما عرفت. ولترجيح كلّ من القولين وجه.
فالأوّل : باستفاضة النصوص الدالّة عليه ، مع صحّة سند بعضها إلى ابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياته.
والثاني : بانجبار المرسلتين الدالّتين عليه بعمل الأكثر ، فلا يعارضهما شيء من النصوص المتقدّمة. ولعلّ هذا أجود ، سيّما مع أوفقيّته بأصالتي بقاء الحقّ وعدم سلطنة الأسفل على الأعلى في منعه عن القدر الزائد على المجمع عليه.
وليس في إطلاق النصوص وأكثر الفتاوى تقييد الحكم بكون الأعلى سابقاً في إحياء الأرض التي يراد سقيها ، أو كون السابق مجهولاً ، كما ذكره الشهيدان وغيرهما (٢) ، قائلين بتقدّم المتأخّر إذا كان سابقاً في الإحياء ؛ معلّلين بتقدّم حقّه في الماء بالإحياء. واستوجهه في الكفاية (٣) قائلاً : إنّ الروايات الدالّة على تقديم الذي يلي فوهة النهر لا عموم لها بحيث يشمل هذا القسم.
وفيه نظر ؛ لكفاية رجوع الإطلاق إلى العموم فيه حيث لم يظهر له
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٢٨٤ ، السرائر ٢ : ٣٨٥.
(٢) الدروس ٣ : ٦٦ ، المسالك ٢ : ٢٩٥ ؛ وانظر جامع المقاصد ٧ : ٥٩.
(٣) الكفاية : ٢٤٤.