واعلم أنّ كثيراً من الأصحاب كالشهيدين وغيرهما (١) نسبوا هذا القول إلى الحلّي في كتاب الجنايات. ولم أقف فيه على ما يدل على ما ذكروه ، مع أنّه قال في المسألة الآتية ردّاً على ما قاله الشيخ فيها في النهاية : هذا غير صحيح ولا مستقيم ، بل الإمام وليّ المقتول المذكور ، إن شاء قتل ، وإن شاء عفا ، فإن رضي هو والقاتل واصطلحا على الدية فإنّها تكون له ، دون بيت مال المسلمين ؛ لأنّ الدية عندنا يرثها من يرث المال والتركة ، سوى كلالة الأُمّ ، فإنّ كلالة الأُمّ لا ترث الدية ولا القصاص ولا القود ، بغير خلاف ، وتركته لو مات كانت لإمام المسلمين ، بغير خلاف بيننا (٢). إلى آخر ما ذكره.
وهذا كما ترى ظاهر بل صريح في اختياره القول الأوّل ، نافياً الخلاف فيه بيننا ، ولم أَرَ منه في ذلك الكتاب ما يوجب توهّم ما ذكروه ، عدا ما حكاه فيه عن الشيخ في النهاية والمبسوط في مسألة من يرث القصاص (٣) ، فإنّ عبارته في الكتابين المحكيّة في كتابه ذلك تضمّنت حكم تلك المسألة والمسألة التي نحن فيها ، وعبارة النهاية صرّحت بمنع الكلالة للأُمّ عن إرث الدية (٤) ، وعبارة المبسوط أطلقت الحكم بأنّه يرثها من يرث المال (٥) ، ثم قال : والأقوى ما اختاره في مبسوطه.
__________________
(١) الدروس ٢ : ٣٤٨ ، المسالك ٢ : ٣١٣ ؛ وانظر التنقيح ٤ : ١٤٣ ، والكفاية : ٢٩١.
(٢) السرائر ٣ : ٣٣٦.
(٣) السرائر ٣ : ٣٢٨.
(٤) النهاية : ٦٧٣.
(٥) المبسوط ٧ : ٥٤.