إذا ثبت هذا ، فإنّ الشفعة تثبت للورثة على قدر الأنصباء ، فللزوجة الثّمن ، وللأبوين السدسان ، وللذكر الباقي لو اجتمعوا. وبالجملة ، على قدر الميراث.
واختلفت الشافعيّة ، فقال بعضهم : إنّ الشافعي قال : إنّها على عدد الرءوس ، ونقله المزني عنه. وقال بعضهم : هذا لا يحفظ عن الشافعي ، فإنّ الجماعة إذا ورثوا أخذوا الشفعة بحسب فروضهم قولا واحدا ، لأنّهم يرثون الشفعة عن الميّت ، لا أنّهم يأخذونها بالملك. وقال جماعة من الشافعيّة : إنّها على قولين (١).
إذا عرفت هذا ، فإذا كان الوارث اثنين (٢) فعفا أحدهما ، صحّ عفوه في حقّ نفسه ، وسقط نصيبه من الشفعة بمعنى أنّه ليس له المطالبة بها ، وللآخر جميع الشقص ، لأنّها شفعة وضعت لإزالة الضرر ، فلا يثبت بها الضرر. ولأنّها شفعة تثبت لاثنين ، فإذا عفا أحدهما توفّر على الآخر ، كالشريكين إن أثبتنا الشفعة مع الكثرة ـ وهو أحد وجهي الشافعيّة (٣) ـ وكما لو عفا أحد الوارثين عن نصيبه في حدّ القذف.
والثاني لهم : أنّ حقّ الآخر يسقط أيضا ، لأنّهما ينوبان مناب الموروث ، ولو عفا الموروث عن بعضها ، سقط جميعها (٤).
والفرق : أنّ الشفعة تثبت لواحد هو الموروث. ولأنّه يؤدّي إلى تبعيض الشقص ، بخلاف مسألتنا.
والوجه عندي أنّ حقّ العافي للمشتري ، لأنّهما لو عفوا معا ، لكان
__________________
(١) انظر : الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩ ، وحلية العلماء ٥ : ٣١٦ ، والتهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٧ ـ ٥٢٨ ، وروضة الطالبين ٤ : ١٨٢.
(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « اثنان ». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩.
(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩.