لأنّا نقول : الشفيع ليس بغارم ، لأنّه لا شيء عليه ، وإنّما يريد أن يتملّك الشقص ، بخلاف الغاصب والمتلف ، وأمّا المعتق فإن [ قلنا : ] (١) العتق يسري باللفظ ، فقد وجب عليه قيمته وهو غارم ، وإذا قلنا : يسري بأداء القيمة أو مراعى ، كان القول قول المالك ، لأنّ العتق لا يثبت عليه القيمة مثل مسألتنا.
لا يقال : لم لا قلتم : يتحالف المشتري والشفيع ، كما قلتم في البائع والمشتري إذا اختلفا في الثمن؟
لأنّا نقول : إذا اختلف المتبايعان ، فكلّ منهما مدّع ومدّعى عليه ، فتحالفا ، وليس كذلك هنا ، فإنّ الشفيع مدّع للشقص ، والمشتري لا يدّعي عليه شيئا ، لأنّ المشتري إذا ثبت له ما قال ، كان الشفيع بالخيار. ولأنّ المتبايعين قد باشرا العقد ، بخلاف الشفيع والمشتري.
ولو نكل المشتري عن اليمين ، حلف الشفيع على دعواه ، وأخذ بما ادّعاه.
ولو شهد البائع للشفيع ، فللشافعيّة وجوه :
أحدها : لا تقبل ، وقطع به العراقيّون ، لأنّه يشهد على فعله ، كما مرّ.
والثاني : نعم ، وصحّحه البغوي ، لأنّه ينقض حقّه.
والثالث : إن شهد قبل قبضه الثمن ، قبلت ، لأنّه ينقض حقّه ، إذ لا يأخذ أكثر ممّا شهد به. وإن شهد بعده ، فلا ، لأنّه يجرّ إلى نفسه نفعا ، فإنّه إذا قلّ الثمن قلّ ما يغرمه عند ظهور الاستحقاق (٢).
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٠.