فالذي هو غير قابل ضربان :
أحدهما : أن يكون متقوّما ، كما لو باع عبده وعبد غيره صفقة واحدة ، صحّ البيع ، ووقف البيع في عبد غيره ، فإن أجازه الغير ، وإلاّ بطل.
والثاني : أن لا يكون متقوّما ، فإمّا أن يتأتّى تقدير التقويم فيه من غير فرض تغيير في الخلقة ، كما لو باع عبدا وحرّا ، فإنّ الحرّ غير متقوّم ، لكن يمكن تقدير القيمة فيه بفرض العبوديّة من غير تغيّر في الخلقة ، ويصحّ البيع في العبد. وإمّا أن لا يتأتّى تقدير التقويم فيه من غير فرض تغيّر في الخلقة ، كما لو باع خلاّ وخمرا ، أو مذكّاة وميتة ، أو شاة وخنزيرا ، فإنّه يصحّ البيع في الخلّ والمذكّاة والشاة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا باع عبده وعبد غيره صفقة واحدة ، صحّ البيع في عبده ، ولا يقع البيع باطلا فيه ، ويقف العقد في عبد الغير ، فإن أجاز البيع فيه ، لزم. وإن فسخ ، بطل ، ويتخيّر المشتري حينئذ بين فسخ البيع في الجميع وبين أخذ عبده بقسطه من الثمن ، ذهب إليه علماؤنا ـ وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال مالك وأبو حنيفة (١) ـ لأنّ كلّ واحد منهما لو انفرد بالعقد ، ثبت له حكمه ، فإذا جمع بينهما ، وجب أن يثبت لكلّ منهما حكم الانفراد ، لأنّ العلّة لهذا الحكم هو الماهيّة ، وهي باقية حالة الجمع ، فثبت مقتضاها ، كما لو باع شقصا مشفوعا وعبدا ، ثبتت الشفعة في الشقص دون العبد ، كما لو انفرد.
ولأنّ الصفقة اشتملت على صحيح وفاسد ، فانعقد التصحيح (٢) في
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٨١ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٨ ـ ١٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٩ و ١٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٨ ، المغني ٤ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٣.
(٢) كذا في « س ، ي » والطبعة الحجريّة. وفي نسخة من الكتاب ـ المحقّقة المطبوعة سنة ١٣٧٥ ه في النجف الأشرف ـ : « الصحيح ».