______________________________________________________
التعيين إنما هو رخصة وتسهيل لا لمصادفة النيّة ما في الذمة ، وإذا جازا منفردين فكذا مجتمعين ، لوجود المقتضي ـ وهو إجزاؤهما منفردين ـ وانتفاء المانع ، إذ ليس إلا اجتماعهما ، وهو غير صالح للمانعية.
ويحتمل ضعيفا عدم الجواز ، لعدم حصول فائدة به ، لانتفاء التخفيف بحذف بعض الفرائض لوجوب ثالثة ، ولعدم الجزم بحسب ما يمكن بمصادفة النيّة ما في الذمة لتعيين واحدة ، وما انتفت فائدته ينبغي عدم جوازه ، والحق ـ كما قال شيخنا في الذكرى ـ إنه تكلف محض لا فائدة فيه ، بل لا ينبغي فعله (١).
واعلم أنه يجب أن يقرأ التعيين في قول المصنف : ( والأقرب جواز إطلاق النيّة فيهما ، والتعيين ) بالنصب على أنه مفعول معه ، وأن الواو بمعنى مع لا عاطفة ، لعدم كون العبارة نصا في المراد ، إلا على هذا التقدير ، إذ لا يراد فيها جواز الإطلاق ، وجواز التعيين ليكون ردا على أبي الصلاح (٢) ، كما ذكره الشارحان الفاضلان (٣).
أمّا أولا : فلأن خلاف أبي الصلاح جار في مسائل الباب كلها ، فتخصيص رده بهذا الموضع لا وجه له ، فان المناسب إما تقديمه ليجري عليه باقي المسائل ، أو التعرض لرده في الجميع.
وأما ثانيا : فلأن الفاء في قوله : ( فيأتي بثالثة ) تقتضي كون الإتيان بفريضة ثالثة متفرعا على الأقرب ، وما في حيزه ، ولا يستقيم إلا إذا أريد الجمع بين الأمرين معا ، لأن الإطلاق لا يقتضيه.
وأما ثالثا : فلأن قوله : ( ويتخير بين تعيين الظهر ، أو العصر ، أو العشاء ... ) لا ينطبق إلا على ما ذكرناه ، لأنه جمع فيه بين التعيين والإطلاق ، ولا يستقيم ذلك مع الإطلاق وحده ، ولا مع التعيين وحده ، ولأن معنى قوله : ( فيطلق بين الباقيتين ) إطلاقه بين الفريضتين الباقيتين ، من المزيد عليهما الثالثة بعد تعيين واحدة منهما ، ولا ينتظم هذا إلا على ذلك التقدير.
__________________
(١) الذكرى : ٩٩.
(٢) الكافي في الفقه : ١٥٠.
(٣) انظر : إيضاح لفوائد ١ : ٤٤ ، والفاضل عميد الدين في كتابه وهو غير متوفر.