ولو مسّ المأمور بتقديم غسله بعد قتله أو الشهيد لم يجب الغسل
______________________________________________________
رطوبة لا يتنجّس الملاقي له مطلقا ، فلا يكون ذلك متفرعا على كون النّجاسة حكمية.
والعجب أن ولد المصنّف في أوّل كلامه جعل القول بأن نجاسة الميّت ، حكمية ، وظاهره أنّ المذكور في العبارة مختار المرتضى (١) ، وأنّه اختار استحباب غسل المسّ ، ثم حقق آخرا أن نجاسته حكمية بالمعنى الثّالث ، ولم ينظر إلى أنّ مقابل الظاهر في العبارة ما هو ، ومن القائل به.
وعند التأمل يظهر فساده ، وأنّه لا قائل به ، فعلى هذا أصحّ الاحتمالين هو الأوّل ، فيكون معنى العبارة أن نجاسته حكمية حدثية ، فلو مسّ الميّت بغير رطوبة ثم لمس رطبا لم ينجس لعدم المقتضي ، إذ النّجاسة العينيّة لا تتعدى إلا مع الرّطوبة ، وهذا خلاف ما سبق منه في أحكام النّجاسات ، لكنه نفس ما ذكره في المنتهى (٢).
والتّحقيق : أنّ نجاسة الميّت ، إن قلنا : أنّها تتعدّى ولو مع اليبوسة ، كما ذكره المصنّف سابقا ، فنجاسة الماس عينية بالنّسبة إلى العضو الّذي وقع به المسّ ، حكمية بالنّسبة إلى جميع البدن ، فلا بدّ من غسل العضو ، ثم الغسل.
وإن قلنا : إنها إنما تتعدى مع الرّطوبة ـ وهو الأصحّ ـ فمعها تثبت النّجاستان ، وبدونها تثبت نجاسة واحدة ، وهي الشّاملة لجميع البدن.
قوله : ( ولو مسّ المأمور بتقديم غسله بعد قتله ، أو الشّهيد لم يجب الغسل ).
أما الأوّل : فلصدق الغسل فيه ، والمسّ بعده لا يوجب غسلا لقول الصّادق عليهالسلام في خبر عبد الله بن سنان : « ولا بأس بمسّه بعد الغسل » (٣) ، وقد سبق الكلام فيه.
وأما الثّاني : فلأن في بعض الأخبار وجوب الغسل بمسّه قبل أن يغسل (٤) ،
__________________
(١) اختاره في المصباح كما نقله عنه في المعتبر ١ : ٣٥١.
(٢) المنتهى ١ : ١٢٨.
(٣) الكافي ٣ : ١٦٠ حديث ٣ ، التهذيب ١ : ١٠٨ حديث ٢٨٤ وفيهما : ( أن يمسه ).
(٤) الكافي ٣ : ١٦٠ حديث ١ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ١٠٨ ، ٤٢٨ حديث ٢٨٣ و ٢٨٤ ، ١٣٦٤ ـ ١٣٦٩.