وقد كان بناء أتباع السلطان للمدارس ووقفهم لها الأوقاف التي تديمها سببا لتدخل الحكومات في شأن هذا العلم الجليل ، ثمّ في الإشراف عليها ، ثم تولّي أمرها جملة وتفصيلا كما هو الحال في مصر وفي أكثر البلاد.
وبذلك انقضى عهد التعليم والتعلّم الفقهي الحر ، اللهم إلاّ في اليسير من الأماكن.
وقد حمل التلمساني والمقري من فقهاء المالكيّة في القرن الثامن الهجري على أن قالا : إن المدارس كانت سببا في ضياع الفقه (١).
الفقه الشيعي
ـ أسسه وأدواره ـ
إنّ القرآن الكريم هو رسالة الله إلى الناس عموما ، وهو الكتاب الخالد الذي ينطق بالحق ، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الكتاب الذي تكفّل الله تعالى بحفظه فقال( إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ ) (٢).
القرآن الكريم هو المصدر الأوّل للشيعة في كلّ ما يهمّهم من أمور دينهم ودنياهم ، لا يقدّمون عليه شيئا مهما كان.
ونحن نعلم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم انشغل في مكّة المكرّمة ، بتثبيت أصول العقيدة الإسلامية في النفوس ، وكان القرآن الكريم واكب هذه البداية الرائعة للدين الإسلامي ، فكانت الآيات القرآنية النازلة في مكّة المكرمة تعالج ـ في الأعم الأغلب ـ هذه الناحية المهمّة.
فالآيات القرانية المكّية والتي تمثّل ثلثي القرآن. تعنى بالجانب العقائدي والدعوة لله وللرسول وللآخرة ، وذكر بعض الحوادث الهامة ، كمعركة بدر والأحزاب وما شاكلها.
الدور الأول ( دور التشريع )
ثمّ هاجر صلوات الله عليه وآله إلى المدينة ، فأسّس الدولة الإسلامية
__________________
(١) انظر موسوعة جمال : ٤٠.
(٢) الحجر ١٥ : ٩.