والثلاثين (١).
ثم إنّ الخبر الأوّل لا يخفى أنّ ظاهره اعتبار نيّة الإقامة بعد دخول الأرض التي في عزمه على الإقامة فيها ، وكذلك الثاني ؛ لتضمّنه الدخول إلى البلد ، أمّا الثالث : فهو وإن احتمل النيّة من خارج إلاّ أنّ احتمال موافقة غيره ليس ببعيد منه ، والأخير كالأولين ، فما ذكره بعض : من أنّ الأخبار متناولة لنيّة إقامة العشرة قبل الوصول وبعده محلّ تأمّل (٢).
وفي رواية منصور بن حازم التي أشرنا إليها سابقاً من أنّها معتبرة دلالة على أنّه إذا دخل بلدة (٣) ، وإرادة الإرادة بعيدة عنها ، ولو احتمل أن يراد بالأرض في الأخبار الواردة بقوله : « إذا دخلت أرضاً » (٤) ما يتناول البُعد عن نفس المنزل وقربه فيتمّ المطلوب. أشكل بأنّ المتبادر من دخول الأرض محلّ الإقامة.
ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره شيخنا قدسسره من الخلاف في أنّه هل ينقطع السفر على تقدير سبق النيّة على الوصول بمشاهدة الجدران أو سماع الأذان ، أم يتوقف على الوصول إلى المحل؟ واختياره الوصول إلى البلد ؛ لأنّه قبل الوصول مسافر فيلزمه حكمه (٥). محل تأمّل ؛ لأنّه كان ينبغي تحرير الدلالة ثم ذكر الخلاف.
وقد يمكن تسديد التوجيه في شمول بعض الأخبار لما قبل الوصول ، إلاّ أنّه لا يخلو من تكلّف ، والاحتياط مطلوب إذا أمكن.
__________________
(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٦.
(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ٤٠٦.
(٣) راجع ص ١١٥٨.
(٤) الوسائل ٨ : ٤٩٨ أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ٣ وص ٥٠٠ ح ٩.
(٥) مدارك الاحكام ٤ : ٤٦١.