والثاني : فيه داود بن الحصين وقد قال النجاشي : إنّه كوفيٌ ثقة روى عن أبي عبد الله عليهالسلام وإنّه كان يصحب أبا العباس البقباق (١). والشيخ قال : إنّه واقفي في أصحاب الكاظم عليهالسلام من كتابه (٢). وجماعة من المتأخّرين قالوا : إنّه لا منافاة بين توثيق النجاشي وكونه واقفياً ؛ إذ الجمع ممكن (٣).
وقد أسلفنا ما يدفع هذا ؛ لأنّ ترك النجاشي ذكر الوقف دليل على نفيه ، إذ ليس من عادته عدم ذكر أصحاب الوقف ونحوهم ، فالترك في مثل هذا أوضح شاهد على نفيه ، غاية الأمر يبقى التعارض بين نفي الوقف من النجاشي وإثباته من الشيخ ، وللنجاشي مزيّة توجب ترجيح العدم ، لا ما قاله البعض : من أنّ الجرح مقدّم على التعديل ؛ لاحتمال اطّلاع الجارح على ما لم يطّلع عليه المعدّل (٤). فإنّ هذا بتقدير تمامه لا يتمّ في مثل النجاشي ، كما يعلم من تثبّته وتفتيشه زائداً على غيره.
وإنّما قلنا بتقدير تمامه لإمكان الدخل فيما ذكر من حيث إنّ الإخبار بالتزكية إن كان يكفي فيه مجرّد الظاهر من غير تفتيش على غيره فهو موقوف على الإثبات بالدليل.
واحتمال الاعتماد على ظواهر الآثار الدالة على الاكتفاء بمجرد الظاهر ، فيه ما فيه.
على أنّ الاكتفاء بالظاهر في العدالة لا معنى له ؛ إذ لو أُريد به مجرّد عدم علم الفسق دخل فيه المجهول ، والخلاف فيه واقع ، فلا يمكن
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٥٩ / ٤٢١.
(٢) رجال الطوسي : ٣٤٩.
(٣) منهم الجزائري في حاوي الأقوال ٣ : ٢٠٣.
(٤) قال به المحقق في معارج الأصول : ١٥٠.