وهذا الخبر كما ترى صريح في الدلالة على الرجوع بالفعل لا نيّة الرجوع ، ومن هنا يعلم ما في كلام المتأخّرين من النظر.
وممّا يبعّد حمل الشيخ رواية معاوية بن عمّار المتضمنة لتوبيخ أهل مكّة على الإتمام بعرفات ، إذ الظاهر كون الخروج للحجّ ، كما يدل عليه رواية إسحاق بن عمّار الآتية هنا.
نعم روى الصدوق في الصحيح عن جميل بن دراج ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن التقصير قال : « بريد ذاهباً وبريد جائياً (١) ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتى ذباباً قصّر ، وذباب على بريد ، وإنّما فعل ذلك لأنّه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ » (٢).
وهذه الرواية ربما تدل على الرجوع لكن لا تقييد فيها باليوم ، فليتأمّل. وما ذكره الشيخ من التخيير لا يخلو من وجه ، وما تضمّنته رواية معاوية بن عمّار من توبيخ أهل مكة يحمل على كونهم قصدوا الحج ، وهذا وإن كان لا يخلو من تأمّل أيضاً نظراً إلى أنّه خلاف ظاهر الأخبار ، إلاّ أنه وجه للجمع ، وقد ذكرت ما لا بدّ منه في معاهد التنبيه على نكت من لا يحضره الفقيه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر كلام الشيخ هنا أنّ التخيير في الأربعة مطلقا سواءً قصد الرجوع أم لا ، وفي التهذيب ذكر نحو ما هنا (٣).
والعلاّمة نقل في المختلف عن الشيخ التخيير مع عدم قصد الرجوع
__________________
(١) في المصدر : بريد ذاهب وبريد جائي.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨٧ / ١٣٠٤ ، الوسائل ٨ : ٤٦١ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ١٤ و ١٥.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٨.