الرجوع ليومه ، بل التخيير مطلقاً على التوجيه غير معلوم.
هذا والأخبار التي استدل بها الشيخ على جواز التقصير في الأربع (١) أوّلها كما ترى يدل على الأمر بالقصر ، والأمر وإن كان حقيقة في العيني إلاّ أنّ الشيخ كأنّه اعتبر إرادة التخييري منه بالقرينة ، وهي الأخبار السابقة ، فلا يتوجه عليه أنّ الخبر كيف يدل على الجواز مع الأمر ، وإن كان الحقّ ورود ما ذكر على الشيخ ؛ إذ لا ينحصر الوجه في الجواز على وجه التخيير على الإطلاق ليكون الخبر دالاًّ على الجواز.
وما عساه يقال : من أنّ الخبر إذا دلّ على الجواز الحاصل في ضمن الأمر جزماً فالاحتياج إلى الفصل وهو جواز الترك في الجملة لأجل المعارض ، ولولاه لكان الفصل وهو عدم جواز الترك متعيّناً. ففيه أنّ الأمر إذا كان حقيقة في الوجوب العيني فالفصل معه ، ويجوز أن يكون الوجوب العيني حاصلاً في الثمانية والأربعة ، غاية الأمر أنّ ( الحكمة غير ظاهرة ) (٢).
أمّا ثاني الأخبار : فإنّه تضمّن الجملة الخبرية ، وكونها في معنى الأمر يتوقف على العلم بما أسلفنا القول فيه (٣) ، من أنّ العدول من الأمر إلى الجملة الخبرية لو عُلِم كانت الجملة الخبرية في معنى الأمر ، لكن يجوز أن يكون العدول لبيان عدم وجوب الفعل ، وفي ظنّي أنّ هذا الوجه يصلح للاعتماد عليه في الأخبار الواردة بلفظ الخبر توجيهاً لاحتمال عدم وجوب ما تضمّنته إذا فرض وجود المعارض ، ومن ذلك ما نحن فيه.
وما ذكره علماء المعاني : من أنّ البلغاء يأتون بالخبر إذا أرادوا الأمر
__________________
(١) في « رض » : الأربعة.
(٢) في « رض » : الحكم غير ظاهر.
(٣) راجع ص ١٠٥٠.