البراءة من مثل قوله عليهالسلام : « كل شيء [ هو ] لك حلال حتى تعرف انّه حرام » (١) وغيره.
ومنه ظهر عدم اجتماع المحبوبية والمبغوضية ، لكونهما تابعين للحسن والقبح الفعليين التابعين للعلم ، فلا أثر في صورة الجهل أصلا.
فظهر مما ذكرنا انّ القول بحجية الامارات من باب السببية ـ بعد مساعدة الدليل ـ مما لا اعتبار عليه ، ويكون بعض أقسامه مجزيا دون البعض الآخر كما لا يخفى.
وليعلم أيضا انّ القول بالطريقية الصرفة في الطرق والامارات لا يستلزم القول بعدم الإجزاء ، لأنه على ذلك وان لم تحدث بسببها مصلحة في المأمور به إلاّ انّه يمكن مصادفتها لعنوان آخر ذا مصلحة وافية بتمام المصلحة الواقعية أو بمقدار منها لا يكون الباقي قابلا للتدارك ، كما لو أدّت الى الاتمام والجهر موضع القصر والاخفات وبالعكس ، ولا شبهة في الإجزاء حينئذ ، كما انّه لو كان الواقع عسرا بعد موافقة الامر الظاهري يرتفع الالزام عنه حينئذ ويكون ذلك في معنى الاجزاء أيضا ؛ هذا كله في مقام الثبوت.
وامّا مقام الاثبات فالكلام فيه في مقامين :
[ المقام ] الاول : في الاصول فنقول : انّ أدلتها من أخبار البراءة من مثل قوله عليهالسلام : « كل شيء ... الخ » (٢) و « الناس في سعة » (٣) و « رفع ما لا يعلمون » (٤) وقاعدة الطهارة من مثل : « كل شيء طاهر » (٥) واخبار الاستصحاب من مثل : « لا
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ باب ٤ من ابواب ما يكتسب به الحديث ٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ باب ٤ من ابواب ما يكتسب به الحديث ٤.
(٣) مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٠ باب ان من فعل ما يوجب الحد ... الخ الحديث ٤.
(٤) الحديث هو هكذا : « رفع عن امتي تسعة : الخطأ ... وما لا يعلمون ... الخ » ، بحار الانوار ٢ : ٢٨٠ كتاب العلم ، باب ٣٣ ما يمكن ان يستنبط من الآيات ... الخ الحديث ٤٧.
(٥) مستدرك الوسائل ٢ : ٥٨٣ الباب ٣٠ باب كل شيء طاهر حتى تعلم ... الخ الحديث ٤.