اجتماعه مع النجاسة الاولى وعدمه.
فان كان المراد من النجاسة مجرد التكليف من وجوب الاجتناب مطلقا ووجوب النزح في مثل البئر لا شيئا آخر غيره ، فلا اشكال في كون الاصل عدم حدوث التكليف بالنسبة الى نزح آخر زائدا على ما ثبت وجوبه.
وان كان المراد منها أمرا واقعيا ولو كان مجعولا ، بحيث يكون وجوب الاجتناب والنزح من آثاره فحينئذ نقول :
انّ النجاسة الحادثة بعد الاخرى على تقدير تأثير السبب الطارئ لمّا لم توجب وجودا آخر منها على الاقوى بل توجب شدة وجوبه بالنسبة الى النجاسة الاولى ، فالشك في التأثر يوجب الشك في التأكيد ، والاصل فيه ـ كما عن المشهور ، بعد ما عرفت من عدم جريان أصالة عدم التأثير وأصالة عدم التأكيد وأصالة عدم الوجود المؤكد ، لعدم صحة كل بوجه ـ هو بقاء النجاسة بوجودها السالف ـ لو شك في بقائه وارتفاعه بعد نزح الاربعين ـ باستصحاب الكلي من القسم الثاني ، لتردد الفرد الموجود قبل النزح بين الضعيف الزائل بنزح المقدار الاقل وبين الشديد الباقي بعده ، بل باستصحاب الشخص أيضا كما قرر في محله.
إلاّ أنّ التحقيق : حكومة أصالة بقاء النجاسة الشخصية ـ الثابتة قبل وقوع النجس اللاحق في البئر بحدّها الاوّلي وعدم حدوث الشدة فيها بالسبب اللاحق ـ على استصحاب النجاسة ، حيث انّ لازمه ارتفاعها بنزح الاقل ، ومع ذلك فلا وجه لما ذهب اليه المشهور في تلك المسألة باستصحاب النجاسة ، ولعل مقصودهم اجراء ذاك الاصل فيما كان الشك في تداخل المسببات بعد الفراغ عن تأثير الاسباب ولو لاجل اختلاف الآثار الكاشف عن تعدد التأثير ، وحينئذ : فاذا شك في ارتفاع النجاسة الحادثة بعد وقوع السبب الثاني في البئر فالمحكّم هو أصالة بقاء النجاسة بعد نزح الاقل ، إلاّ مع نزح زائد يوجب اليقين بالزوال.