المتعارفة غير السامعين للكلام كقوله : « يا أهل يثرب لا مقام لكم بها » (١) وكقولك : « أيّها الحاضرون » مع كون بعضهم ممن لا يسمع الكلام ؛ وخطابات النفس ؛ والخطابات الكتابية من المصنفين ، فانّ استعمال الادوات في أمثال المقامات مع قصد التشريك ـ بلا عناية وتجوّز ـ بتنزيل غير الحاضر منزلته ونحوه ظاهرا بل قطعا بالنسبة الى الحاضرين غير السامعين للكلام مع قصد الخطاب بالنسبة اليهم أيضا ، يدل على وضعها لمجرد الخطاب الايقاعي بأي داع كان.
وتوهم : كون هذا التنزيل ارتكازيا وغير ملتفت اليه ؛ يدفعه : انّ الارتكازي لا بد من العلم بوجوده بعد الالتفات اليه ، ولا علم بمثل هذا التنزيل في المقام ولو بعد الالتفات [ الى موارد ] (٢) الاستعمالات.
وحينئذ يكون عموم المتعلق في مثل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) (٣) ونحوه بالنسبة الى الغائب والمعدوم باقيا على حاله بلا مزاحم. وعلى تقدير الشك في كون الاداة موضوعة للخطاب الحقيقي أو الايقاعي ـ بل مع تسليم التبادر الاطلاقي بالنسبة الى الاول في الجملة ـ يكون العموم الوضعي للمتعلق أظهر ، ويحمل التكليف المتضمن له على الحقيقي الفعلي بالنسبة الى الحاضر الواجد للشرائط ، وعلى الانشائي بالنسبة الى غيره.
وما ورد من قول النحويين واللغويين من أنّ مثل هذه الادوات موضوعة للخطاب والنداء فانّما هو مشترك بينهما كما لا يخفى.
__________________
(١) من جملة بيتين مشهورين لبشير بن حذلم ينعى بهما الحسين عليهالسلام في المدينة ، وهما :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها |
|
قتل الحسين فأدمعي مدرار |
الجسم منه بكربلاء مضرّج |
|
والرأس منه على القناة يدار |
مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم : ٣٧٤.
(٢) في الاصل الحجري ( بموارد ).
(٣) في آيات كثيرة ، مثلا سورة الاحزاب : ٩.