أو الاستحباب ، والمنساق إلى الذهن من الأمر بالرشّ هو الوجوب المقدّمي الذي هو عبارة أخرى عن التعبير بالشرطيّة ، فيكون قوله عليهالسلام : «رشّ وصلّ» بمنزلة ما لو قيل في جوابه : إن رششت فلا بأس بصلاتك ، نظير ما لو وقع السؤال عن الصلاة في ثوب أصابه شيء من أبوال الدوابّ أو الدم أو غير ذلك ، فقيل في الجواب :اغسله وصلّ ، أو سئل عن الصلاة في سيف أو سكّين أو نحو ذلك ، فقيل : اجعله في غمده أو تحت ثيابك وصلّ ، إلى غير ذلك من الأمثلة التي لا يتبادر منها إلّا إرادة الشرطيّة ، لا الطلب الشرعي المولويّ الوجوبي أو الاستحبابي ، ومقتضاه بطلان الصلاة عند ترك الرشّ ، وحيث علم من الخارج أنّ الصلاة لا تبطل بدونه ، لزم حمله على إرادة شرط الكمال ، أي كونها تامّة غير مشتملة على منقصة أصلا ، كما هو الشأن في أغلب الأمثلة المزبورة التي هي من نظائر المقام ، فترك الرشّ موجب لاختلال الصلاة في الجملة ، وصيرورتها ممّا فيه بأس ما ، أي خلل غير بالغ إلى حدّ يؤثّر في فسادها ، وهذا هو المقصود بكراهتها.
فما قيل (١) ـ من أنّ الأمر بالرشّ لا يقضي بالكراهة ، بل باستحباب الرشّ ـ كلام ظاهري ؛ لما أشرنا إليه من أنّ ظاهر هذه الأخبار إرادة نفي البأس عن الصلاة مع الرشّ ، لا استحبابها معه كي يكون الرشّ مستحبّا غيريّا ، أو استحبابه من حيث هو ، فيكون نفسيّا.
وربما يستدلّ للكراهة أيضا بخبر أبي أسامة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال :«لا تصلّ في بيت فيه مجوسيّ ، ولا بأس بأن تصلّي وفيه يهوديّ أو نصراني» (٢)
__________________
(١) القائل هو صاحب الجواهر فيها ٨ : ٣٧٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣٨٩ / ٦ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١.